للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): وقال الحسن وابن جرير الطبري: معناه: يُنزَعُ منه [اسم] المدحُ الذي يُسمى به أولياء الله المؤمنين، ويستحق اسمَ الذم الذي يُقال: سارقٌ، وزانٍ، وفاجرٌ، وفاسقٌ، وحكي عن ابن عباس: أنه يُنزع منه نور الإيمان وفيه حديث مرفوع، وقال المهلَّب: يُنزع منه بصيرته (٢) في طاعة الله، وذهب الزهري إلى أن هذا الحديث، وما أشبهه يؤمن بها وتُمَرُّ على ما جاءت، ولا يُخاض في معناها، وإنا لا نعلم معناها، وقال أمرُّوها كما أمَرَّها الذين من قبلكم، وقيل في معناه غير ما ذكرته مما ليس هو بظاهرٍ، بل بعضُها غلطٌ، فتركتها، وهذه الأقوال محتملةٌ، والصحيح ما قدمناه أوَّلاً.

قلت: والذي قدَّم النووي أن المراد نفيُ كمالِ الإيمان عن الزاني والسارق، وذكر أن هذا التأويل قريبٌ، كثيرُ الاستعمال.

قلت: ولا يبعُدُ أن يكون من ذلك قوله تعالى: {إنه ليس من أهلك إنه عَمَلٌ غيرُ صالحٍ} [هود: ٤٦]، مع قوله: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: ٢١٤]، فأنذر الكفار، بل قال الله: {فأنجيناه وأهله إلاَّ امرأته} [الأعراف: ٨٣]، فلم تخرج بالكفر من الأهل، فدل على التَّجوز في أحدهما ونحو ذلك، وكذا قوله تعالى: {وَذَرُوا ما بَقِيَ من الرِّبا إن كنتم مؤمنين} [البقرة: ٢٧٨]، وقوله تعالى: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (٨٣) وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس: ٨٣ - ٨٤]، وقوله تعالى للملائكة: {أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} [البقرة: ٣١]، مع قوله: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦]، ويقول أهل اللغة: إن كنتَ أبي، أو أمي، أو وَصِيِّي، أو نحو ذلك، ومنه: {إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ... لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}


(١) يعني النووي.
(٢) في الأصول: " نصرته "، والمثبت من " شرح مسلم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>