للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحاكم أبو أحمد في " الكنى ": احتج بحديثه الأئمة (١) القدماء، لكن بعض المتأخرين أخرج حديثه من حيِّز الصحاح احتجاجاً بما سنذكره، ثم ذكر حكاية نافعٍ.

وقال ابن منده: أما حال عكرمة في نفسه، فقد عدَّله أمةٌ من التابعين، منهم زيادةٌ على سبعين رجلاً من خيار التابعين ورفعائهم، وهذه منزلةٌ لا تكاد توجد لكبير أحدٍ من التابعين على أن من جرَّحَه من الأئمة لم يُمْسك عن الرواية عنه، ولم يستغن عن حديثه، وكان حديثه يُتَلَقَّى بالقبول قرناً بعد قرنٍ إلى زمن الأئمة الذين أخرجوا الصحيح، على أن مسلماً كان أسوأهم رأياً فيه، وقد أخرج له مع ذلك مقروناً.

وقال أبو عمر بن عبد البر: كان عكرمة من جِلَّّةِ العلماء ولا يقدح فيه كلام من تكلم فيه، لأنه لا حجة مع أحد يتكلم فيه. وكلام ابن سيرين فيه لا خلاف بين أهل العلم أنه كان أعلم بكتاب الله من ابن سيرين، وقد يظن الإنسان ظناً يغضب له، ولا يملك نفسه، قال: وزعموا أن مالكاً أسقط ذِكرَ عكرمة من " الموطأ " لا أدري ما صحته، لأنه قد ذكره في الحج، وصرَّح باسمه، ومال إلى روايته في ابن عباسٍ، وترك رواية عطاء في تلك المسألة، مع كونه عطاء أجلَّ التابعين في علم المناسك، والله أعلم.

قال الحافظ ابن حجر: وقد أطلنا القول في هذه الترجمة، وإنما أردنا بذلك جمع ما تفرق من كلام الأئمة في شأنه، والجواب عما قيل فيه، والاعتذار للبخاري في الاحتجاج بحديثه، وقد صحَّ صحةُ تصرفه في ذلك. والله أعلم.

انتهى كلام الحافظ ابن حجر مع اختصار شيءٍ منه. ومع أنه اختصره كما صرح به في أول كلامه، وإنما أوردته ليعلم من وقف عليه من جهَلَةِ قدر علماء الآثار وسَعَة علومهم واطلاعهم، وما ترتب عليه تصحيحهم للحديث وتضعيفهم


(١) " الأئمة " ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>