العاملين بها أكثرُ من ثمانية أصنافٍ، فكذلك أبوابُ النار وأنواعُ الكفر، وأصنافُ الكافرين، وتقسيم ذلك على التحقيق يحتاج إلى برهان صحيح، والذي دل عليه القرآن أن أهل أبواب النار كلهم من الكفار المتكبِّرين، والذي دلت عليه السنة الصحيحة أن الذين يُعذَّبُون من أهل الكبائر من المسلمين يسقُطون من الصِّراط الذي هو طريق أهل الجنة إليها، فتميتُ النارُ من سقط منهم حتى يُشْفَعَ لهم، ثم يقاصُّ بينهم في قنطرةٍ بين الجنَّةِ والنار بعد خُلوصِ المؤمنين من النار، حتى ينتصف بعضُهم من بعضٍ مظالمَ كانت بينهم، فإذا هُذِّبُوا، أُذِنَ لهم بدخول الجنة كما هو معروفٌ في الصِّحاح والله أعلم.
سلَّمنا أن كل واردٍ وواقعٍ يُسمَّى داخلاً، وكلَّ داخلٍ مُخْزَىً بمجرد الدخول، فما المانع من تخصيص عموم قوله تعالى:{يومَ لا يُخْزِي اللهُ النبيَّ والذين آمنوا مَعهُ}[التحريم: ٨]، وقد ثبت أن المؤمنين مُتفاوتون في المراتب، وأن {وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ}[الحديد: ٢٠]، كما قال الله تعالى، وأن في الذين اصطفى الله قوماً ظالمين لأنفسهم كما قال:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِه}[فاطر: ٣٢]، مع قوله تعالى:{وَسَلامٌ على عباده الذينَ اصْطَفَى}[النمل: ٥٩].
وقد ثبت بموافقة الخُصوم أن للعُصَاة المسلمين في الدنيا حكماً بين الحُكمين، فما المانِعُ من تصديق النُّصُوص الواردة بأنهم في الآخرة كذلك تفسيراً للكتاب لا تكذيباً، وبياناً لا معارضةً؟ ومع ذلك، فهم متردِّدون بين أن يخصُّوا من عموم الخِزْي، وهو القريب القوي، وبين أن يخصُّوا من عموم المؤمنين، كما قد خصصنا الجميعَ ما احتجنا إليه بأدلةٍ منفصلةٍ.
سلمنا تسليمَ جدلٍ أن عُمومات الوعيدية لا تخصَّصُ لخاصة فيهم، فلنا أن نُجيبَ عن هذه الآية بأجوبةٍ:
الجواب الأول: أنها ظاهرةٌ في الصحابة، لقوله فيها (١){معه} وبهذا
(١) أي في آية " الحديد " المتقدمة في الصفحة السالفة.