للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحال، كيف مع اجتماعهما؟ ويكونُ لها مع ذلك معنى لطيفٌ، وهو أنه لا يخزى من هذه حال أتباعه، ومن اتَّسم بنصيبٍ من الإيمان؛ فإنهم إنما نالوا هذه المَثُوبَةَ العُظمى، والكرامةَ الجليلة، ببركة الإيمان به، ونجاة شفاعته، ألا ترى إلى ما رواه البخاري في " صحيحه " (١) قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله، قال: أخبرنا أخي عبد الحميد، عن ابن أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المقبُري، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " يلقى إبراهيمُ أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجهِ آزر قَتَرَةٌ وغَبَرَةٌ، فيقول إبراهيم: ألم أقل لك: لا تعصني! فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا ربِّ إنك وعدتَني ألا تُخزيني يوم يبعثون (٢)، وأيُّ خزيٍ أخزى من أبي الأبعد، فيقول الله تعالى: إني حرَّمتُ الجنة على الكافرين، ثم يُقالُ: يا إبراهيم، انظر ما تحت رجليك، فينظر، فإذا هو بِذيخٍ متلتطِّخٍ، فيؤخذ بقوائمه فيُلقى في النار ". انفرد به البخاري، وهو الثاني عشر بعد أربع مئة من " جامع المسانيد " من مسند أبي هريرة.

وذكره المزي في " الأطراف " (٣) في ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن سعيدٍ المقبُريِّ، عن أبي هريرة، قال: ورواه البخاري في أحاديث الأنبياء وفي " التفسير " بإسناده المقدَّم.

وإسماعيل: هو ابن أبي أُوَيس، أخرجوا عنه إلاَّ النسائي، وعبد الحميد: خرَّجُوا عنه إلاَّ الترمذي.

وفي " نهاية " (٤) ابن الأثير، و" فائق " (٥) الزمخشري أن الخليل عليه السلام يحمل أباه ليجُوزَ به الصراط، فينظرُ إليه، فإذا هو عَيْلامٌ أمْدَرُ، والعَيْلام والذِّيخُ، كلاهما ذكر الضِّباعُ. وهذا يدلُّ على وجود روايةٍ أخرى أو أكثر غير رواية


(١) (٣٣٥٠) و (٤٧٦٩).
(٢) عبارة " يوم يبعثون " ساقطة من (ف).
(٣) ٩/ ٤٨٩.
(٤) ٢/ ١٧٤.
(٥) ٢/ ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>