للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الاستغفار، فقد تقدم ما ورد فيه من الكتاب، والسنة، واللغة العربية، التي يجب تفسيرُ كلام الله ورسوله بها، ولا حاجة إلى التطويل بإعادته، ومن أحسنه حديث: " ما أصَرَّ من استغفر، وإن عاد في اليوم سبعين مرةً " وأمثاله، حتى قال الزمخشري في " كشافه " في تفسير: {ولم يُصِرُّوا على ما فَعَلوا}: ولم يصرُّوا غير مستغفرين، وروى الحديث المقدم.

وأما الاعتراف، فلقوله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٠٢].

وفي " البخاري " من حديث سَمُرَةَ كما تقدم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر في رُؤياه الطويلة أنه رأى قوماً نِصْفُ خُلوقهم كأحسن ما خلق الله، ونصف خلوقهم كأقبح ما خلق الله، فقال. " ما هؤلاء؟ " فقيل له: هؤلاء الذين خَلَطُوا عملاً صالحاً تاب الله عليهم (١).

أو كما ورد في سيِّدِ الاستغفار عن شدَّادِ بن أوسٍ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " سيِّدُ الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي، لا إله إلاَّ أنت، خلقتتي وأنا عبدُكَ، وأنا على عهدك ووعدِك ما استطعتُ، أعوذُ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبوءُ لك بنعمتك عليَّ، وأبوءُ بذنبي، فاغفر لي ذنوبي، فإنه لا يغفر الذنوبَ إلاَّ أنت، قبل أن يُصْبِحَ، فمات فهو من أهل الجنة " رواه البخاري والنسائي، ورواه الترمذي بنحوه، واللفظ لهما (٢).

فقوله فيه: أبوءُ لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي: أي أُقِرُّ وأعترِفُ، فدل على أن للاعتراف أثراً في مغفرة الذنوب، وكذلك الاستغفارُ، وقد جُمعا في هذا الاستغفار العظيم، ولو كان بمنزلة التوبة، لم يشترط في المغفرة (٣) لصاحبه أن


(١) تقدم حديث الرؤيا غير مرة.
(٢) تقدم تخريجه في الجزء السابع.
(٣) " في المغفرة " ساقطة من (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>