للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أئمةٍ المعتزلة، وقوَّاه الشيخ محمودٌ الملاحميُّ في " الفائق " ونصره الشيخ مختارٌ في كتاب " المجتبى "، واختاره الإمام يحيى بن حمزة من أئمة العترة، واحتج الشيخ مختار بقوله تعالى: {وآخَرونَ اعترفوا بذنوبهم} [التوبة: ١٠٢] الآية، لأن الاعتراف يُلازِمُ الندم فيما قال، وهؤلاء لم يجعلُوا العَزْمَ رُكْناً للتوبة، بحيث لو غَفَلَ النادِمُ عن تذكُّر المستقبل حتى يموت، صحَّت توبته، أما لو تذكَّرَهُ، فإن النَّادِمَ الصادق عندهم يستلزم العزم، فلو لم يعزِمْ مع التَّذكُّرِ، كان ذلك قادحاً في صدق ندمه عندهم.

قلت: والصحيح، الاحتجاج على أن الندم توبةٌ بما ورد في الحديث، لأن التوبة شرعيةٌ، وقد ورد في ذلك أحاديث، وقد روى الهيثمي فيه تسعةَ أحاديث في بابٍ في كتاب التوبة في " مجمع الزوائد " (١).

وقد جمع الحاكم ذلك في بابٍ جعله من الأبواب التي يجمعها أهلُ الحديث، ذكره في كتابه " علوم الحديث " (٢) في النوع الموفي خمسين منها، ولم أقف على ما جمع الحاكم فيه، ولكني أذكر ما حضرني، وهو أحاديث أربعةٌ:

الحديث الأول، وهو المشهورُ؛ حديث ابن مسعودٍ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " الندم توبة " رواه ابن ماجه في " سننه " (٣) وذكره المزي في " أطرافه " (٤) في ترجمة عبد الله بن معقل بن مُقرِّن المُزني، عن ابن مسعودٍ، وذكر اختلافاً في سنده ينبغي ذكره لمن أحبَّ معرفة مقدار الحديث من القوة، وماله من العِلَّةِ، فأهل الحديث يقولون: بِجَمْعِ الطُّرُقِ تُعْرَفُ عِلَّةُ الحديث.

قال المزي: رواه ابن ماجة في " الزهد "، عن هشام بن عمارٍ، عن


(١) ١٠/ ١٩٨ - ١٩٩.
(٢) ص ٢٥٠.
(٣) برقم (٤٢٥٢). وصححه ابن حبان (٦١٢) و (٦١٤)، وانظر تمام تخريجه، والتعليق عليه فيه.
(٤) ٧/ ٧٢ - ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>