للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، أخبرنا أبو حاتمٍ الرازي، وحدثنا أبو النضر الفقيه، وأبو الحسن العَنْزي، قالا: حدثنا عثمان بن سعيدٍ الدَّارمي، حدثنا عثمان بن صالحٍ السهمي، حدثنا عبد الله بن وهبٍ، عن يحيى بن أيوب، عن حُميدٍ الطويل، قال: قلت لأنس بن مالكٍ: أسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " الندم توبةٌ "؟ قال: نعم.

وفيه عثمان بن صالح بن رجال البخاري، وادعى ابن حجرٍ (١) أنه إنما روى له ما عَرَفَ صحته من حديثه ولم يستوعِبْهُ، وعدَّه الذهبي في غرائب يحيى.

ويقوي ما ذكره من ذهب إلى ذلك، وما ذكره صاحب " ضياء الحلوم " من تفسير الإصرار أن الإصرار من أفعال القلوب في المعاصي، كالاستقامة في الإسلام وقد ثبت أن من أسلم، أو تاب من ذنب دون ذنبٍ (٢)، ثم عَزَمَ على تسويف المُعاوَدَة إلى الكُفر، أو الذنب، ونَدِمَ من إسلامه أو توبته، فإنه -مع ذلك- لا يُسمَّى مستقيماً على الإسلام، ولا على التوبة، فيلزم فيمن ندم من ذنبه، وعَزَمَ على تسويف التوبة، وبادر بالاستغفار والاعتراف وسؤال التوفيق للتوبة النَّصُوح ألا يُسمَّى -مع ذلك- مصرّاً على جهة القطع، لأن الإصرارَ في الشرِّ كالاستقامة في الخير إن شاء الله تعالى.

ومع عدم القطع بذلك يبقى الخوف والرجاء، وبهما يتوسَّلُ إلى التوبة بلُطفٍ الله تعالى وتوفيقه، ويقوِّي ذلك حديث: " من همَّ بحسنةٍ، كتبها الله له حسنةً كاملةً ". رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس (٣). ولمسلم والترمذي عن أبي هريرة مثله من طرق (٤). وفي " صحيح البخاري ": " أراد " مكان " هم "، رواه البخاري منفرداً به في " التوحيد " (٥) في الباب الخامس والثلاثين وهو باب قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: ١٥] من حديث قتيبة،


(١) في " مقدمة الفتح " ص ٤٢٤.
(٢) " دون ذنب " ساقطة من (ش).
(٣) تقدم تخريجه ص ٢٧٤ من هذا الجزء.
(٤) تقدم تخريجه ص ٢٧٤.
(٥) برقم (٧٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>