للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعظمَ في نفسي مِنْ صِدْقي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ألاَّ أكونَ كذبتُه، فأهْلِكَ كما هَلَكَ الذين كَذَبُوا. إن الله تعالى قال للذين كذبُوا حين أنزل الوحيَ شرَّ ما قال لأحدٍ، فقال الله تعالى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٩٥ - ٩٦].

قال كعبٌ: كنَّا خُلِّفْنَا -أيها الثلاثة- عن أمرِ أولئك الذين قَبِلَ منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينَ حلفُوا له.

فبايَعَهم واستغفرَ، وأرجأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرَنا حتَّى قضى الله فيه، فبذلك قال الله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: ١١٨]، وليس الذي ذكر الله مما خُلِّفْنَا تخلُّفَنَا عن الغَزْوِ، وإنما هو تخليفُه إيَّانا وإرجاؤُه أمرَنا عمَّنْ حَلَفَ له واعتذرَ، فقَبِلَ منهم. رواه البخاري ومسلم (١).

ومن ذلك: أحاديث الصحابة الذين اختُلِجُوا دُونَه - صلى الله عليه وسلم -، وقال فيهم: " فأقول: سُحقاً، لمَنْ بدَّل بعدي " (٢)، وحديث المتلاعِنَيْن، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لهما: " إنَّ عذابَ الدنيا أهونُ من عذابِ الآخرة " وأنَّ الخامسة هي الموجبة (٣)، وأمثال ذلك والله أعلم.

ومنه حديث عمَّار: " ويح ابن سميَّة، تقتُلك الفئةُ الباغيةُ، يدعُوهُم إلى الجنةِ ويدعُونَهُ إلى النار " (٤). وهو يمنعُ تأويل الذين قال فيهم: " سُحقاً لمن بدَّل بعدي " بالمرتدِّين فقط.

ويشهدُ لذلك خَوفُ الصحابة، ونهيُه - صلى الله عليه وسلم - من زكَّى بعضَهم، وأمثالُ ذلك مما يَرِدُ على المرجئة، القاطِعينَ بالأمان لِمَنْ مات على مجرَّدِ الإيمان.


(١) البخاري (٤٤١٨)، ومسلم (٢٧٦٩). ورواه أيضاً عبد الرزاق (١٩٧٤٤)، وأحمد ٥/ ٣٨٧، والترمذي (٣١٠٢)، وابن حبان (٣٣٧٠)، وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه فيه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>