للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة. وكذلك قِصَّةُ عُمَرَ في حُكْم المجوسِ (١) وسؤاله للناس عند احتياجه إلى ذلك، وكذلك قصَّتُهُ في حديثٍ الطَّاعونِ (٢).

وكذلك أميرُ المؤمنين -عليه السلامُ- قد صحَّ عنه أنَّه كان يغتسِلُ من المذي، ولا يدري ما حُكمُهُ، وأنَّهُ استحى مِنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك لمكان ابنته منه، وما زال يغتسِلُ منه حتَّى تشَقَّقَ ظهرُهُ، ثم أمر المِقْدَادِ بنَ الأسود يسأل له النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك (٣). والظاهر أنَّ علياً -عليه السلامُ- كان مجتهداً في العلم حين لم يكن يحْفَظُ ذلك الحكمَ، فلو وجبَ في حق المجتهد حفظُ النصوص على الحوادث، لدَلَّ ذلك على أنَّه في تلك الحال يُسمَّى عامِّياً غيرَ مجتهد.

وأيضاًً فإنَّه قد ثبت عنه -عليه السلام- أنَّه احتاج إلى حديث غيره، وكان يستحلفُ بعضَ الرُّواة ويُصدِّق منْ حلف له، كما رواه المنصور بالله، وأبو طالب -عليه السلام- ولو كان حافظاً للنُّصُوص عن ظهر قلبه لم يَحْتَج إلى ذلك. ففي هذا أنَّهم لم يتعرَّضوا لجمع النصوص


(١) أخرجه البخاري في " صحيحه " (٣١٥٦) والشافعي ٢/ ١٢٦، وأبو عبيد في " الأموال " ٣٢ - ٣٣، والبغوي في شرح السنة (٢٧٥٠) من طريق عمرو بن دينار، سَمِعَ بَجَالَة بن عبدة يقول: لم يكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر.
(٢) هو حديث مطول أخرجه من حديث عبد الله بن عباس البخاري (٥٧٢٩) و (٦٩٧٣) ومسلم (٢٢١٩) وأبو داود (٣١٠٣) وفيه أن عبد الرحمن بن عوف حدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فراراً منه ".
(٣) أخرجه من حديث علي أحمد ١/ ١٠٨ - ١٠٩، وأبو داود (٢٠٦) وإسناده صحيح، وأخرجه دون ذكر تشقق الظهر البخاري (١٣٢) (١٧٨) و (٢٦٩) ومسلم (٣٠٣) وأحمد (٦١٨) و (٦٦٢) و (٨١١) و (٨٦٩) و (٨٢٣) و (٨٤٧) و (٨٥٦) وفيه أنه يغسل ذكره ويتوضأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>