للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر المحققون أنَّ الكذبَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَكُنْ في زمنِ الصحابة، ولا في زمنِ التابعين، لا مِن بَرِّهم، ولا مِنْ فاجرهم، وإنما كان ذلك في أيامِ بني العباسِ، وَمَنْ نظر فيما رواه أهلُ المعاصي في هذا الوقتِ القديم، عَرفَ صحةَ قولِ المحققين.

فأما أبو هريرة، فإليه المنتهي في مراقبة الله وخوفه، وقد كان ممن يُغْشَى عليه من خوف الله تعالى، ثبت ذلك في صحيح مسلم (١) في حديث رواه في الرياء بالمثناة مِن تحتُ، وله شاهد في ترجمة سمرة.

ثم إني وجدتُ في " شرح النهج " (٢) للشيخ العلامة عبدِ الحميد بن أبي الحديد كلاماً في جماعة من السَّلَف لا يليقُ بمنصبه المنيف في العلم، والإنصاف، وحمله على السلامة يُوجبُ تنزيهه عنه، والقول بأن بعضُ أعدائه زاده في كتابه، فإنُّه ينبغي من العاقل العملُ بالقرائنِ القوية في تصحيح الأخبار، وتزييفها، ألا ترى أن فيه نسبة أبي هُريرة إلى بُغْضِ علي وتعمُّدِ


= " كشف الظنون " ٢/ ٩٩٥: بوبه على أحد وعشرين باباً، وقد اختصره الذهبي محمد بن أحمد الحافظ المتوفى سنة ٧٤٨. انظر ترجمته في " وفيات ابن رافع " ١/ ٤٨٧، نشر مؤسسة الرسالة، وقد ذكرت مصادر ترجمته فيه.
(١) رقم (١٩٠٥) وانظر " المسند " ٢/ ٣٢١ - ٣٢٢، و" سنن الترمذي " (٢٣٨٢) والنسائي ٦/ ٢٣ - ٢٤، وابن حبان (٢٥٠٢) و" شرح السنة " (٤١٤٣).
(٢) ٤/ ٦٢ - ٦٩، وقد صرح ابن أبي الحديد أنَّه نقل ذلك كله عن كتاب " المعارف " لابن قتيبة، وانظر ص ١٢١ من المعارف، وقال ابن كثير في " البداية " ١٣/ ١٩٩: عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين أبو حامد بن أبي الحديد عز الدين المدائني الكاتب الشاعر المطبق الشيعي الغالي، ولد بالمدائن سنة ست وثمانين وخمس مئة، ثم صار إلى بغداد، فكان أحد الكتاب والشعراء بالديوان الخليفتي، وكان حظياً عند الوزير ابن العلقمي لما بينهما من المناسبة والمقاربة والمشابهة في التشيع والأدب والفضيلة، وقد أورد له ابن الساعي أشياء كثيرة من مدائحه وأشعاره الفائقة الرائقة، وكان أكثر فضيلة وأدباً من أخيه أبي المعالى موفق الدين بن هبة الله، وإن كان الآخر فاضلاً بارعاً أيضاً، وقد ماتا في هذه السنة رحمهما الله أي في سنة ٦٥٥ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>