للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب عبدُ الملك بن الماجَشون مِن أصحاب مالك إلى هذا المذهب في الحائض أيضاًً.

وكأنَّ هؤلاء لم يبلُغْهم الحديث، أو بلَغَهم، ولم يَصِحَّ لهم، أو صحَّ لهم، فاعْتَقَدوا فيه أنَّه في غيرِ رمضانَ جمعاً بينَه وبينَ حديثِ الفَضْل، فقد قال أبو داود في " سننه ": إنما الحديثُ أنَّه كان يُصبح جُنُباً ثم يصوم، وقال: ما أقلَّ مَنْ يقولُ في الحديث: إنَّه كان يصبح جُنُباً في رمضان (١).

قلت: اختُلِفَ في ذكر رمضانَ في الحديث على مالكٍ، فروى عنه الأذْرَميُّ ذكرَ رمضانَ في الحديث، ولم يروه الأكثرون وربما تقوَّوا على الجمع بينَ الحديثين بما عُلِمَ من قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِرَمَضَانَ، وحثِّه عليه، لكن جمعهم بذلك بينَ الحديثينِ مردودٌ بأنَّ فِعْلَ ذلك في رمضان كان هو السَّبَبَ في سؤالِ عبد الرحمانِ بن الحارث لعائشة، وأمِّ سلمة، فلا يجوزُ خروجُه عن عموم الجواب، لأن العمومَ نص في سننه كما ذلك مبينٌ في الأصول، وإِلَّا لكان الجوابُ أجنبيّاً عن السؤال.

وقد دل على ذلك كتابُ الله تعالى لمن تأمل لِقوله تعالى: {فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} فأباح الجميعَ مِن الجماع والأكلِ والشُّربِ حتى يتبيَّن الفجر، وإذا أبيح الجماعُ حتَّى يتبينَ الفجرُ، فمعلومٌ


(١) ذكره عقب الحديث (٢٣٨٨) ونصه: قال عبد الله الأذرمي (وهو شيخ أبي داود في هذا الحديث) في حديثه: في رمضان من جماع غير احتلام، ثم يصوم.
قال أبو داود: وما أقل من يقول هذه الكلمة يعني يصبح جنباً في رمضان، وإنما الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح جنباً وهو صائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>