للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عقد الحاكم (١) رحمه الله فصلاً في فضل أبي حنيفة وعلمِه، وذكر أنَّه حاز ثلاثةَ أرباع العلم، وشارك الناسَ في الرُّبْعِ الآخر، فينبغي من السَّيِّد -أيده الله- مطالعة كتب الرجال، والنظر في تراجم هذين البحرين الزاخرين والإمامين الكبيريِن، فقد أودع العُلَمَاءُ في كتب الرِّجال من مناقبهما ما يشفي العليلَ، وَيرْوِي الغليلَ، بل قد صنف أئمةُ هذا العلمِ كتباً مستقِلَّة مفردة لتعريف فضائلهما، وذكرِ سَعة علومهما، وسائرِ ما فيهما (٢) مثل كتاب " شقائِقِ النعمان في مناقب النُّعمان " (٣) وكتاب " الزخرف القصري في مناقب الحسن البصري " (٤).

ولو كان الإمام أبو حنيفة جاهلاً، ومن حِلْيةِ العلم عاطلاً، ما تطابقت جِبَالُ العلم من الحنفية، وشيوخِ الاعتزال كأبي عليٍّ، وأبي هاشمٍ، ومَن في طبقتهما مِن الأكابر، والقاضي أبي يوسُف، ومحمد بن الحسن الشَّيْباني، والطحاويِّ، وأبي الحسن الكَرْخيِّ، وأبي الحُسين البَصْري والعلامة الزَّمخْشَري وأمثالِهم وأضعافِهم على الاشتغال بمذهبه، والاعتزاءِ (٥) إليه، وعدمِ الإنكار على منْ أفتى أو حكم به، فعلماءُ الطائفة الحنفية في الهند، والشَّامِ، ومِصْر، والعِرَاقيْنِ، واليمن، والجزيرة،


(١) هو الحاكم الجشمي شيخ الإمام الزمخشري.
(٢) في (ب): مناقبهما.
(٣) في " كشف الظنون " (١٠٥٦) " شقائق النعمان في حقائق النعمان " لأبي القاسم العلامة جار الله محمود بن عمر الزمخشري المتوفى سنة ٥٣٨ في مناقب الإمام الأعظم. وقد ألف غير واحد من أهل العلم في مناقب هذا الإمام ذكر معظمها صاحب " معجم المؤلفين " ١٣/ ١٠٤ - ١٠٥، وانظر " سير أعلام النبلاء " ٦/ ٣٩٠ - ٤٠٣.
(٤) أورده الإمام الذهبي في " سير أعلام النبلاء " ٤/ ٥٦٣ - ٥٨٨، وذكرت فيه مصادر ترجمته.
(٥) أي: الانتساب إليه، يقال: عزا فلان نفسه إلى بني فلان يعزوها عزواً، وعزا واعتزى " وتعزَّى كله: انتسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>