للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متقدِّمةٌ على وفاة القاسم عليه السلام بخمسَ عشرة سنة، والقاسم عليه السلامُ مِن أول أئمة المذهب، وأنبلِ مَنْ في طِرَازِ الأئمة المُذْهَبِ (١)، وهو الذي تفجَّرت منه بحارُ العلوم إفادةً وولادة، وخضعت رقابُ الخصومِ لمناقبه من العلم والزَّهادة والمجد والإجادة، فأما الإمام الهادي يحيى بن الحسين، والناصر الحسن بن علي عليهما السلام، فالبويطي متقدِّم لهما في الوفاة بقدرِ سبعين سنة تَنْقُصُ شيئاً يسيراً، وكذلك الربيعُ (٢) والمزنيُّ (٣) صاحبا الشافعي، فإنهما عاصرا القاسم عليه السلام، وتقدما الهادي بكثيرٍ منَ الأعوام، وأما السيدان الإمامان الناطق بالحق أبو طالب، والمؤيَّدُ بالله ومَنْ بعدهما كالمُتوكِّلِ على اللهِ أحمدَ بنِ سليمان، والمنصور بالله عبد الله بن حَمْزَة، وسائِرِ أئمة الهُدَى، ومصابيحِ الدُّجى مِن عِترةِ المصطفي صلَّى اللهُ عليه وعلى آله، وسائِرِ علماء العِترة، وساداتهم، وكُبراءِ المسلمين وجِلَّتِهِم، فكلام السيد -أيَّدَه اللهُ- وكلامُ بعضِ أصحابِ الشافعي قاضٍ أنهم مِن جُملَةِ أهلِ الدعاوي الباطلة، مُفْصِحٌ بأنَّ وجوهَ دعاويهم للعلم عن حِلية الصِّدْقِ عاطِلَة، فحسبُك ما أدَّى إليه عِظَمُ غُلُوِّك


(١) في (ب): وأنبل من في الطراز الأول المذهب.
(٢) هو الربيع بن سليمان الإمام المحدث الفقيه الكبير أبو محمد المرادي مولاهم، المصري المؤذن صاحب الإمام الشافعي، وناقل علمه، وشيخ المؤذنين بجامع الفسطاط، ومستملي مشايخ وقته ولد سنة ١٧٤ هـ، وتوفي سنة ٢٧٠ هـ.
قال الإمام الذهبي في " النبلاء ": وطال عمره، واشتهر اسمه، وازدحم عليه أصحاب الحديث، ونعم الشيخ كان، أفنى عمره في العلم ونشره، ولكن ما هو بمعدود في الحفاظ، وإنما كتبته في " التذكرة " وهنا لإمامته وشهرته بالفقه والحديث.
وقال أيضاً: وقد كان من كبار العلماء، ولكن ما يبلغ رتبة المزني، كما أن المزني لا يبلغ رتبة الربيع في الحديث " سير أعلام النبلاء " ١٢/ ٥٨٧ - ٥٩١.
(٣) هو أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني المصري المتوفى سنة ٢٦٤ هـ. وصفه أبو إسحاق، بقوله: كان زاهداً عالماًً مناظراً محجاجاً غواصاً على المعاني صنف كتباً كثيرة، وقال الإمام الذهبي في " السير " ١٢/ ٤٩٣: كان رأساً في الفقه إلا أنَّه قليل الرواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>