للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلامُ أحدٌ مِن أهلِ العلمِ إلا هؤلاءِ الأئمة المشاهير في اليمن والحجاز، والجبل، والكوفة عليهم السلامُ. فلقد قلَّلُوا كثيراً، وجَهِلُوا كبيراً، وأهلُ البيت عليهم السلامُ في جميع أقطارِ الإِسلام، وإمصارِه، وأعصارِه، هُمْ سُفُنُ العلم وبحورُه، وشموسُ الهدى وبدورُه، وكلامُ بعضِ أصحاب الشافعيِّ إِذا اقتضى تجهيلَ هؤلاء السادةِ، والدعاة الأئمة من العِترة الطاهرة، وأضعافهم ممن لم يُذكر وأكثر منهم مِن الأئمة السابقين ضربنا به وَجْهَ قائِلِه، وقلنا كما قال أبو الطيب:

وَهَبْك تَقُولُ هذا الصُّبْحُ لَيْلٌ ... أيَعْمَى العَالِمونَ عَنِ الضِّيَاءِ (١)

وما أقربَ هذا القولَ من قول من زعم أنَّ أهلَ البيتِ عليهم السلامُ قد ماتوا، ولم يبقَ منهم أحدٌ، بل هذا القولُ أقبحُ، لأنَّ ذلك نَسَب إليهم الموت الذي يجوز على الملائكةِ والأنبياء، والعلماءِ، وهو خروجُ الأرواح من الأبدانِ الذي لا نقصَ فيه على أحد، ولا غضاضةَ فيه على مخلوق، وهذا نسب إليهم الموت الذي هو موْتُ المعارفِ دونَ الأبدان، وعمى البصائر دونَ الأبصار، وكفي شاهداً على أنَّ موتَ الجهلِ أقبحُ من موت الأبدانِ، وعمى البصائر أقبحُ مِن عمى الأبصارِ، قولُ الله تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: ٤٦] فكيف تجاسر السيدُ -أيَّدَهُ الله- على نسبة الجهلِ إِلى جميع العِترة الطاهرة، ونجوم العلم الزاهرة؟. واحتجَّ على ذلِكَ بما لَعلَّهُ لا يَصِحُّ عن بعضِ


(١) ديوانه ١/ ١٠ من قصيدة مطلعها.
أتنكرُ يا ابن إسحاق إخائي ... وتحسبُ ماء غيري من إنائي
ورواية الصدر فيه:
وهبني قلتُ: هذا الصُّبْحُ ليلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>