للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنقول للسيد: ليت شعري كيف كان هذا الإجماعُ الذي رواه قاضي القضاة؟ هل بأن طافَ جميعَ البقَاع، أم بأن جُمِعَ له علماءُ الأمة في صعيدٍ واحد؟ فإنَّ السَّيِّد باعتراضه هذا على ابنِ الصلاح قد لزِمَة ألا يَصحَّ إجماع إلاَّ ممن طاف جميعَ البقاع، أو جُمِعَتْ له الأمة في صعيد واحد، وفي هذا الكلام سؤال وجواب سوف يأتيانِ -إن شاء الله- عند ذكر (١) كلام ابن الصلاح.

الإشكالُ الرابع: أن السَّيِّد روى هذا عن أبي الحسين عن قاضي القُضاةِ مع أنَّه قد روى عن أبي الحُسين أنَّه يقبلُ كفارَ التأويلِ وفساقه، فلا يأمن أن أبا الحسين روى هذا عن أحدٍ منهم عن قاضي القضاة، وقد ألزمنا السيد فيما احتمل مثل ذلك أن لا يرويه إِلاَّ بعدَ تبرئةٍ صحيحةٍ، فكان يلزمُ السيدَ أَن يُبَيِّنَ تبرئةَ أبي الحسين عن ذلك إن كان يعلمُها وإن لم يكن يعلمُها، لزمه أن لا يرويَ عنه.

الإشكال الخامس: أنَّه قال: إنَّ الرواية عن المتأوِّلين ركونٌ إليهم، وإن الله تعالى قد قال: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: ١١٣]، ثم إنَّه روى عن أبي الحسين، وقاضي القضاة مع أنَّه قد رُوِيَ عنهما أنهما يقبلان المتأوِّلين، وذلك عنده ركونٌ إلى الظالمين، واتِّباعٌ للمُفسدين، وقد توعُّد اللهُ تعالى على ذلك بالنَّارِ، ومذهبُ الزيديةِ أن كلَّ معصيةٍ توعَّد الله عليها، فإنها كبيرة، وردُّ المتأولين عند السيد قطعي لا يعذر المخالص فيه، فيلزمُك ردُّ رواية أبي الحسين، وقاضي القضاة، وتفسيقهما على مقتضى كلامِك مع البقاءِ على مذهب الزَّيْدِيّة.


(١) لفظ " ذكر " لم ترد في (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>