للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الشبهات، وكثرةِ البُكاء مِن خوف الله حتى إن الترمِذِيَّ عَمِيَ مِن كثرة البُكاءِ في ما رُوِيَ عنه (١).

ومن وقف على تراجمهم، عَلِمَ أنَّهم كانوا متحمِّلِينَ للمشاقِّ العظيمةِ في طلب ثواب الله، والخوفِ من عقابه بحيثُ إنَّه يعْلَمُ ذلك بالتواتُرِ عنهم، والقرائنِ القوية. فكيف تهيَّأ للسَّيِّد -أيَّده الله- أن يعلم ما في بواطنهِمِ من التَّعَمُّدِ الذي هو من أعمال القلوب، ولم يتهيأ لنا أن نَعْلَم ما ظهر منهم مِن القول المسموع بالآذان المنقولِ عنهم بِكُلِّ لسان.

ثم إِنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد تعذَّر عليه معرفةُ ما في بواطن المنافقين إلا بالوحي، وفي الحديث أنَّه جاءه رجلٌ من الأنصار يُسَارُّه صلى الله عليه في قتلِ رجلٍ من المنافقين، فَجَهَرَ - صلى الله عليه وسلم - وقال: " ألَيْس يشْهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا الله "؟ قال الأنصاري: بلى، قال: " ألَيْسَ يَشْهَدُ أنِّي رسُول اللهِ "؟ قال: بلى، قال: " أليْسَ يُقِيمُ الصلاةَ "، قال: بلى، قال: " فأولئِكَ الَّذِين نهَانِي اللهُ عَنْ قَتْلهمْ " (٢)، قال الأنصاري: إنهُ منافق يا رَسُولَ اللهِ،


(١) كما في " سير أعلام النبلاء " ١٣/ ٢٧٣ و" تذكرة الحفاظ " ٢/ ٦٣٤ و" تهذيب التهذيب " ٩/ ٣٨٩.
(٢) أخرجه إلى هنا مالك في " الموطأ " ١/ ١٧١ في قصر الصلاة في السفر: باب جامع الصلاة من طريق ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنَّه قال بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس .....
قال ابن عبد البر في " التمهيد " ١٠/ ١٥٠: هكذا رواه سائر رواة " الموطأ " إلا روح بن عبادة، فإنه رواه عن مالك متصلاً مسنداً، ثم أخرجه من طريقه، فقال: عن عبيد الله بن عدي ابن الخيار، عن رجل من الأنصار، قال: ورواه الليث بن سعد وابن أخي الزهري، عن الزهري مثل رواية روح بن عبادة عن مالك سواء، ورواه صالح بن كيسان وأبو أويس عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أن نفراً من الأنصار حدثوه،

<<  <  ج: ص:  >  >>