الخطابية، والجامع بينهما أن كل واحد منهما قد استحل الكذب للتأويل، فلما أجمعت الأمةُ على رَدَّ رواية الخطابية لعلة استحلالهم للكذب متأولين، لَزِمَ في كل من استحل الكذب متأولاً أن ترد روايته. وسيأتي الجوابُ عن هذه الشبهة الضعيفة، وإنما نذكر ها هنا طرفاً مما يلزمه، فنقول، كُلُّ مَن خالف في مسألة قطعية، فقد كذب متأولاً، فالمعتزلة قد كذبوا متأولين حيث قالوا: إن الخليفة بعدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - غيرُ أمير المؤمنين علي عليه السلامُ، وكذلك كُل متأول خالف في القطعيات، وقد قررت أن القول بردِّ رواية المتأولين قطعي، فيلزمك أن المخالف لك فيه كاذب متأول، لأنَّه قال: إن المتأول مقبول، وهذا عندك كذبٌ قطعاً، وقد استحله المخالف لك فوجب رَدَّ شهادته وروايته قياساً على الخطابية.
فنقول: أما المؤيَّد، والفقهاء، وأبو الحسين، وقاضي القضاة فيلزمُك أنهم غيرُ مقبولين في الشهادة، ولا في الرواية، لأنَّك قررت أنهم قد خالفوك في هذه المسألة القطعية، وأما المنصورُ بالله، ويحيى بنُ حمزة، والقاضي زيد، وعبدُ الله بنُ زيد، فلأنهم قد كذبوا متأولين في موضعين.
أحدُهما: قولُهم: إن المتأولين مقبولون.
وثانيهما: في قولهم: إن الأمة مجمعة على ذلك، وهذه أغلظ من الأولى، لأنهم عندك ما قنِعُوا بما كذبوا حتى نسبُوه إلى الأمة والأئمة.
وأما الهادي، والقاسم، فإنما يلزمُك ذلك، لأن أبا مضر قد نسبه إليهم وهو ثقة، لأنَّه لم يختر ذلك لنفسه مذهباً، إنما حكى ذلك عنهم، وقولك: إن أبا جعفر قد عارضه لا ينفعُك، لأنك قد قلت في رسالتك: إن الجارح مُقَدَّمٌ على المعدل، والمثبت مُقدَّمٌ على النافي، وكذا لا ينفعك أن تقول: إن هذه الأشياء لم تواتر عنهم، لأنك قد قلتَ في رسالتك: الجرح