قال عليه السلام: لأن الإخبارَ نوع من الشهادة، وتجري مجراها في بعضِ الأحكام، والدليلُ على أنَّه عليه السلام ادَّعى الإجماعَ في هذا الكلامَ وجوه:
أولها: -وهو أقواها- أنَّه احتجَّ على جواز الشهادة بالقياسِ على الأخبار، واحتجَّ على قبولهم في الأخبار بأنَّ المحصلين ذهبوا إلى جواز ذلك بغيرِ مناكرة، فلو أراد بالمحصِّلين بعضَ العلماء، أو أراد بغير مناكرة مِن بعضهم مع وجود المناكرة مِن البعض، لم يكن ذلك إجماعاًً، ولو لم يكن إجماعاً، لم يكن فيه حجة، وقد ثبت أنَّه جعله حجةً، وقاسَ عليها، ولفظهُ صالح لإفادة دعوى الإجماع في اللغة من غير تعسُّفٍ ولا تأويل، فوجب القولُ بظاهره، وتأكَّد الظاهرُ بهذه القرينة.
وثانيها: أنَّ ظاهر كلامه يقتضي دعوى الإجماعِ من غير قرينة، وذلك لأنَّ قولَه: إن أهلَ التحصيل من العلماء ذكروا جوازَ ذلك يَعُمُّ جميعَ أهلِ التحصيل ولم يخرج مِن هذا اللفظ إلاَّ مَنْ ليس مِن أهل التحصيل، ومن لم يكن مِن أهل التحصيل، فليس بمجتهد لا في الوضع اللغوي، ولا في العرف الطارىء، لأنَّه ليس يَصحُّ أن يقَالَ لِعالم مجتهدٍ من علماء الإسلام: إنَّه ليس مِن أهل التحصيل.
وثالثها: قولُه بغيرِ مناكرة مطلقٌ يقتضي نفي المناكرة (١) عن جميع الأُمَّةِ، وقد أطلق القولَ في ذلك، ولم يُقيده بقيدٍ، فأفاد الإجماعَ على أنه -عليه السلامُ- قد صرَّح بدعوى الإجماع في كتاب " الصفوة "، وإنَّما