للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثلُ حديث معاوية حيث قال عليه السلامُ: " إذا ارتقى معاوية منبري هذا، فاقتلوه " رواه الذهبي (١) بثلاثة أسانيد طعن في واحد منها وسكت عن (٢) اثنين، ورواه بإسناد آخر " فاقبلوه، فإنَّه أمين " وقال: إسنادٌ مظلم وأمثالُ ذلك شيء كثير، لو نُقِلَتْ من كتب رجالهم لما جاءت في أقلِّ مِن مجلد كبير.

الثامن: تضعيفُهم لأحاديث أئمتهم المحتج بها في الفروع، فمن نظر " البدر المنير " و" خلاصته " و" الإرشاد " و" التلخيص " في الأحاديث التي احتج بها الشافعي عَلِمَ إنصافَهم، وأنَّهم غيرُ متعصبين، فلعلَّهم أجمعوا على ضَعْفِ قدر الربع من حُجَجِهِ، هذا وَهُمْ أصحابُه المنتسبون إليه، وكذلك المحدثون من الحنفية، ولهم في ذلك كتاب أحاديث الهداية (٣)، وكذلك المالكية، وَمِنْ أحسنِ الكتب لهم في ذلك


(١) في " السير " ٣/ ١٤٩، والأسانيد الثلاثة لا تصح، ففي الأول علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف لا يحتج به، وفي الثاني الحكم بن ظهير، قال البخاري: تركوه، وفي الثالث إرسال الحسن البصري، وقال الحافظ ابن كثير في " البداية " ٨/ ١٣٣: وهذا الحديث كذب بلا شك، ولو كان صحيحاًً، لبادر الصحابة إلى فعل ذلك، لأنهم كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم.
(٢) تحرفت في (أ) و (ج) إلى " من ".
(٣) " الهداية " كتاب في الفقه الحنفي ألفه شيخ الإسلام برهان الدين علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المتوفى سنة ٥٩٣ هـ، وكان قد صنف قبل هذا الكتاب " بداية المبتدي " جمعَ فيه كتابي أبي الحسن القدوري، و" الجامع الصغير " لمحمد بن الحسن، وزاد عليهما مسائل ثم شرحه بكتاب سماه " كفاية المنتهي " في ثمانين مجلداً، ثم اختصره في كتاب سماه " الهداية ". قال الشيخ أنور الكشميري: ليس في أسفار المذاهب الأربعة كتاب بمنزلة كتاب " الهداية " في تلخيص كلام القوم، وحسن تعبيره الرائق، والجمع للمهمات في تفقه نفس بكلمات كلها درر وغرر، وهو مطبوع بمفرده، ومع شرحيه لابن الهمام والعَيني، وقد تصدى لتخريج أحاديثه غير واحد من الحفاظ، من أجودها وأبرعها " نصب الراية " للإمام الحافظ المتقن جمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف بن محمد الزَّيْلَعي، المتوفَّى سنة =

<<  <  ج: ص:  >  >>