التأويل، فتأملها هناك، فقد ذكرتُ فيما تَقَدَّمَ اثنتين وثلاثين حجة مِن الحجج الدالة على قبولِ الفساق المتأولين وأكثرُها حجج على قبولِ الكفار المتأولين ما يَخْرُج منها إلَّا النادِرُ، وذِكرُها يؤدِّي إلى التطويلِ من غير حاجة، لأني قد ذكرتُ أني لا أعلَمُ أني معتمد على كافِر تأويلٍ في الحديث.
قال السيدُ -أيَّده اللهُ-: وأمَّا إذا عارض روايةَ فساقِ التأويل روايةُ العدل الصالح المنزّه مِن فسق التأويل، فالإِجماعُ على ترجيح روايةِ العدل الصالح ممَّن يَقْبَلُ رواية فُسَّاقِ التأويل منفردين، وممَّن لا يقبلهم.
أقول: قد طالعتُ كثيراً من كتب الأصول والفروع لِطلب معرفة الإجماع هذا الذي ادَّعاه السيِّد على تقديم روايةِ العدل في التصريح والتأويل على رواية العدلِ في التصريح، الفاسق في التأويل، فلم أَجِدْ أحداً ذكرها فيما طالعتُ، والذي لم أُطَالِعْ أكثرُ مما طالعت، ولكن الكُتَبَ التي طالعتُ هي الكتبُ المتداولة، فلا أدري السيد -أيَّده الله تعالى- نقل هذا الإجماعَ عن أحدٍ من العلماء الثقات، أو وجده في شيء مِن المصنفات، فله المِنَّةُ بالإرشاد إلى ذلك، أو قال ذلك مِن طريق الفهم والحَدْسِ، فليس ذلك من طرق الإجماع. وللإِجماعِ طُرقٌ معروفة لا تخفى على السيدَ -أيده الله تعالى- فيجِب عليه أن يُفيدنا طريقاً إلى معرفة هذا الإِجماع. ثم إنَّه يرد على دعواه للإِجماع إشكالات:
الإِشكالُ الأول: أن المنصور بالله عليه السلام قد ذكر في كتاب " الصفوة " ما يقتضي الإجماعُ على التسوية بين العدلِ في التصريح والتأويل، والعدلِ في التصريح، الفاسق التأويل، فقال عليه السلام في حكاية إجماع الصحابة على ذلك ما لفظه: أما أنَّهم أجمعوا، فذلك مِن