فهذا قولُ الإمام يحيى بنِ حمزة عليه السلام فكيف يُنكرُ ترجيحُ رواية (١) بعضِ المبتدعة على رواية بعضِ أهل العدل والتوحيد لبعض القرائِنِ المقوية لذلك، وينسب القائلُ لذلك إلى مخالفةِ الإِجماع. هذا على تقدير اتفاقِ هذا، وباللهِ العظيم الرحمن الرحيم ما أعلمُ أنَّ هذا قد كان مني أبداً.
فهذا الكلامُ أن اختلفا في وجوه الترجيح.
وأما إذا استويا فيه، واستوى الظَّنُّ الحاصِلُ في خبريهما إلا أن هذا مبتدع، وهذا متنزِّهٌ عن البدعة، فعلى كلامِ المنصور بالله لا يُرَجَّحُ المتنزه على المبتدع، لأن الظن مستوٍ، وقد نَصَّ على أن المعتبر هو الظَّنُّ، واختلافُ مرتبتيهما عند الله فيما لا يتعلق بالرواية غيرُ مؤثر، كما أن العالِم والعامي عنده عليه السلامُ سواء عنده في الرواية، وإن اختلفت مراتِبُهما عند الله، وكما نَصَّ عليه السلامُ أن الخارجي أولى بالقبول مِن المتنزه عن هذه البدعة، فهذا على مقتضى عموم قوله. وقد اختلفوا فيما أُخِذَ من عموم كلام العالم: هل يكون تجريحاً؟ فمنهم من قال: ليس بتجريح، وهو قوي، لأن التجريح ما لم يُؤخذ مِن قوله، ومنهم من قال: هو تجريح واختاره السيدُ أبو طالب في كتابه " المجزىء "، وهو تجريح صحيح لا أعلم فيه نزاعاً، والله سبحانه أعلم.
والمختار عندي أن المتنزه من البدعة أولى عند استواء الظنون، وذلك لأنَّ الحجة على قبول العدل المتنزِّه عن البدع أقوى من الحجة على قبولِ المبتدع العدلِ في دينه، والحجج هي الأصولُ، ومدلولاتُها هي