للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد قال ابن المديني: ما نعلمُ أحدَاً من لدن آدمَ كَتَبَ مِن الحديث ما كتب يحيى بنُ معين.

وقال يحيى بن معين: كتبتُ بيدي ألفَ ألفِ حديثٍ.

وقد ذكر السَّيِّد الإمام المؤيَّدُ بالله عليه السلام في كتابه " إثبات النبوات " من الثناء على المحدِّثين بتجويد المعرفة والإتقان للحديث ما يشهد بما ذكرتُه وبمعرفته عليه السلام بمحلهم المُنيف، وأن المعوَّلَ عليهم في هذا العلم الشريف، وذكر أخوه السَّيِّد الإمامُ أبو طالبٍ عليه السلام في " شرح البالغ المدرك " أن أحمد بن حنبل كان يحفظ خمسَ مئةِ ألف حديث (١).

وكذلك عَمِلَ هذان السيدان الإمامان بمقتضى ذلك، فأخذا الحديثَ عن أئمته النحارير، وحُفاظه المشاهير، كما هو مشهور معروف (٢) عنهما في أسانيدِهما عنهم في كتابيهما الحافِلَيْنِ " شرح التجريد " للمؤيد و" شرح التحرير " لأبي طالب، وكذلك في " أمالي " السيد أبي طالب، وقد أكثر المويَّدُ من الرواية عن الحافظ ابن المقرىء، وأبو طالب عن الحافظِ ابن عَدِي، وما زال الإنصافُ شِعَار كُلِّ فاضلٍ ومجوِّدٍ، وسجيةَ كُلِّ عارف ومحقق.

قال أبو داود الخفافُ: أملى علينا إسحاقُ بنُ راهويه مِن حفظه أحدَ


(١) ونقل الإمام الذهبي في " السير " ١١/ ١٨٧ في ترجمة الإمام أحمد قول أبي زرعة لعبد الله بن أحمد: أبوك يحفظ ألف ألف حديث، فقيل له: ما يدريك؟ قال: ذاكرته، فأخدت عليه الأبواب. قال الذهبي بإثره: فهذه حكاية صحيحة في سعة علم أبي عبد الله، وكانوا يعدون في ذلك المكرر، والأثر، وفتوى التابعي، وما فسّر، ونحو ذلك، وإلاَّ فالمتون المرفوعة القوية لا تبلغ عشر معشار ذلك.
(٢) في (ب): معروف مشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>