لاَ ينْظُرُ إلى الطائفة المنصورة إلا بِعَيْنِ الحَقَارَة، ويُسَميها الحشوية. انتهى.
وبيانُ ذلك أن المحدثين اسمٌ لأهل العناية بحفظ الحديث مِن أهل كلِّ مذهب كما مرَّ بيانُهُ في المرجح العاشر لقبول أهلِ التأويلِ (١)، وذكرتُ هناك المحدِّثين من الشيعة والمعتزلة، وليس المحدثون أسماء تَخْتَصُّ بمن خالف في الاعتقاد كالأشعريَّةِ والجبرية، ولكن المحدثين اسمٌ لمن ذكرنا من الفِرَقِ كُلِّهِم، كالقرَّاء والنُّحاة والأصوليين، فلذلك قلنا: إنَّ الحديثَ إذا قُدِحَ في صحته مِن طريقهم، كان قدحاً فيه مطلقاً مِن كل طريق، لأن أئمة الرواية من العِترة والشيعة هُمْ من أهل الحديث كما ذكره صاحب " الشفاء " عن الجُرجاني في حرب البُغاة من غيرِ إمام، ولم يقل: إن القدح المختص بالمحدثين المخالفين هو الذي يبطل الحديثَ، ولكنَّه يكون تحكماً، وتركُ المبتدعة المتأولة جميعاًً لا يُمكن كما تقدَّم بيانُهُ في الكلام على ذلك.
وإذا تأملتَ كلامَ السَّيِّد أبي طالب في " المجزىء "، عرفت إنصافَه، فإنه لا يذكر المعتزلةَ إِلا بمشايخنا يقول: قال شيخُنَا فلان، وقال الشيخانِ أبو علي وأبو هاشم، وإذا ذكر المسألةَ، لم يذكر فيها خلافاً لأحدٍ من العِترة قَطُّ فيما علمتُ، لأنهم لم يتكلموا في الفن، لا جهلاً به، ولا عدمَ معرفة له، ولكن مثل ما لم يتكلم فيه عليٌّ عليه السلامُ وغيرُه من السلف الصالح، فلم يُتهم أبو طالب بالميلِ عن العِترة، والانحرافِ عنهم، والقول بأن المعتزلة أعرفُ بالأصوليين منهم، ولكن المعتزلة أكثرُ فيهما تصنيفاً وخوضاً، وإقبالاً عليهما، واشتغالاً. وكذلك لا يلزم النحويّ إذا رجح كلامَ النحاة في أن " لدى " ظرف لا حرف على كلام