لا جور فيه ولا ظلم، وأن ذلك معلوم ضرورة من الدين، وأن الإجماع منعقد على أن أفعال العباد اختيارية لا اضطرارية، وأن الفرق بين حركة المختار وحركة المفلوج والمسحوب ضروري إلا من لا يُعتد به في الإجماع من سقط المتاع (١) الذين لم يرجعوا إلى تحقيق في النظر، ولا إلى حسن في الاتباع، ولا لهم في ذلك سلف ماض ولا خلف باق، وهم الجبرية الخالصة الذين لا يثبتون للعبد قدرة أصلاً.
ثم ذكر أن فِرَق المعتزلة عشرون، وفرق الأشعرية أربع فرق، وأن الفرقة الثالثة من الأشعرية أهل الكسب وهم الجمهورُ منهم. قال رحمه الله: وقد طال اللجاجُ بينهم وبينَ المعتزلة وبعض الأشعرية أيضاً: هل الكسبُ معقول أو غيرُ معقول؟، وذكر أن المشنعين على أهل الكسب من الأشعرية هم إمام الحرمين وأصحابه، ومن المعتزلة أبو هاشم وأصحابه. قال: والإنصاف يقتضي أنه معقول كما عقله الشيخُ مختار المعتزلي في كتابه "المجتبى" وغيره، فإن معنى قول المشنعين: إنه غيرُ معقول أنه مستحيل تصورُهُ في الذهن وتفهمه، فإذا استحال ذلك استحالَ الحكْم عليه بالبُطلان أو الصحة. قال: وهذا غلو في العصبية وليس كذلك، ولا في معناه شيء من الغموض والدقة، فإن الكسب هو فِعلُ العبد بعينه الذي هو فعلُ الطاعات والمعاصي والمباحات وسائر التصرفات، وإنما اختاروا تسميةَ فعل العبد بالكسب دونَ الفعل، ومعناهما واحد عندهم، لأن الكسب يختصُّ بفعل العبد دونَ فعل الرب سبحانه ولا يجوزُ أن يُسمَّى الربُّ تعالى كاسباً بخلاف الفعل، فإنه مشترك إلى آخر كلامه. وهو كلامٌ طويل مفيد.
ثم الرد على من نسب إلى أهل السنة إنهم يقولون بتكليف ما لا