للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهادي والقاسمِ عليهما السَّلامُ، وأقصى ما في البابِ أنهما -عليهما السَّلام- ادَّعَيَا صِحَّةَ حديثٍ مُسْنَد، وتَعْدِيلَ رُوَاتِهِ، ثُمَّ إنَّا قَدَّمْنَا بعضَ الأحاديث عَلَى ذلِكَ الحَديثِ لأمْرٍ يتعلَّقُ بغيرِهِما منْ رجالِ إسنادِه، فهذا يكونُ ترجيحاً على مَنْ رَوَيَا عَنْهُ، لا ترجيحاً عَلَيْهمَا. فَمِنْ أين للسَّيِّد أنَّا رجَّحْنَا عليهما، لولا مَحبَّةُ التَّشنيعِ، وذكرُ ما يَخْبُث سماعه، ويفحُشُ ذِكْرُهُ مِنَ العبارات المهُولةِ، وإنَّما يصدُق كلامُه لو كانا -عليهما السلام- سَمِعَا منْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بغير واسِطَةٍ، وعارَضَهما فاسقُ تَأْويلٍ (١)، وكنَّا أيضاً سَمعْنَا عَنْهُما وَعَنْ فَاسِقِ التأْوِيلِ بغير واسطة (٢)، ثُمَّ رجَّحْنا فاسِقَ التَّأْوِيلِ، فحينئذٍ يصدق كلام السَّيِّدِ لكِنْ " لوْ " غيرُ مُثْمِرَةٍ للصِّدْقِ، واللهُ أَعْلَمُ.

وبعدُ، فإنَّا قَدْ ذكرنا فيما تقدَّمَ كلامَ المنصورِ باللهِ عليه السلامُ في تقديمِ رِوايةِ الخارجِيِّ، وترجيح حديثه لاعتقادِهِ أنَّ الكَذِبَ [كفر (٣)] على رِوَايَةِ العَدْلِ الصَّحيحِ الاعتقادِ، وقد نَصَّ ذلِكَ المنصورُ باللهِ عليه السلام، والحاكم في " شرح العيون " حكايةً عَنْ غَيْرِه، وصاحبُ " الجوهرة "، ولم يُنْكِرْ ذلِكَ أَحَدٌ.

وقد ذكرنا قولَ المؤيَّد بالله في " الزِّيادات " إنَّ تقليدَ غَيْرِ الأئِمَّةِ عليهمُ السلامُ أرجح مِنْ تقليدهم، وبيَّنَّا ما في ذلِكَ مِنْ دَعْوَى الإجماع، وفرَّقنا بين الترجيحِ والتَّفصيلِ بِمَا لا (٤) مَزِيدَ عَلَيْهِ، فتأمَّلْهُ في مَكَانهِ (٥)


(١) في (ش): التأويل.
(٢) من قوله: " وعارضهما فاسق " إلى هنا سقط من (ب)
(٣) زيادة لا بد منها أخلت بها الأصول، وانظر ٢/ ٤٠٩.
(٤) في (ب): " بالا "، وهو خطأ.
(٥) في (ب): " حكاية "، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>