للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أن يكونَ ذلِكَ في مَنْ هُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ غَيْرِهِ، ثقَةٌ عِنْدَهُ، ولا يقال: الجرحُ مُقَدَّمٌ على التَّعديلِ، لأنَّ ذلِكَ فيما إذا كان الجرحُ ثابِتَاً مُفَسَّراً، وإلاَّ فلا يقْبَلُ الجَرْحُ إذا لم يكنْ كذلِكَ.

وقد قال الإمامُ الحافظُ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي وغيره: ما احتجَّ البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داوود [به] منْ جماعةٍ عُلِمَ الطَّعْنُ فيهم منْ غيرهم مَحْمُولٌ عَلَى أنَّه لم يثبتِ الطَّعْن المؤثِّر مفسَّر السَّببِ. انتهى كلام النواوي.

قال شيخ الإِسلامُ عُمَرُ بنُ رسلان البُلْقيني في كتابه " علوم الحديث " (١): ولا يلزمُ ذلِكَ لجوازِ أنْ يكونَ لم يثبُت عِنْدَهُمُ الجَرْحُ، وإن فُسِّرَ هذا هو الأقربُ، فإنَّ المذكورين ما مِنْ شَخْصٍ منهم إلا وَنُسِبَ إلى (٢) أشياءَ مفَسَّرَة مِنْ كَذِبٍ وغيره، يَعْرِفُ ذلِكَ مَنْ راجَعَ كُتُبَ القَوْمِ، ولكِنَّها لَمْ تثبُتْ عند مَنْ أَخَذَ بحديثهِمْ، ووثَّقَهم، وروى عنهم. انتهى.

قلتُ: وهذا بَيّنٌ وقد بسطتُ الدَّليل عليه في علوم الحديث (٣).

رجعنا إلى كلام النَّواوي رحمه الله.

الثَّاني: أنْ يكونَ ذَلِكَ واقعاً في المُتَابَعَاتِ، والشَّواهد، وقد اعتذر الحاكِمُ أبو عبد الله بالمتابعة والاستشهاد في إخراجِهِ عَنْ جماعةٍ ليسُوا مِنْ شَرْطِ الصَّحيح، منهم مَطَرُ بن الوَرَّاق (٤)،


(١) المسمى بـ " محاسن الاصطلاح وتضمين كتاب ابن الصلاح " وقد تقدم التعريف به ١/ ٣١٠ وكلامه هذا في الصفحة ٢٢١ منه.
(٢) في (ب): إليه.
(٣) انظر " توضيح الأفكار " ٢/ ١٣٣ - ١٦١.
(٤) هو مطر بن طهمان الوراق أبو رجاء الخراساني السلمي. قال يحيى بن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم: صالح، وقال البزار: ليس به بأس، وقال العجلي: بصري صدوق، وقال مرة: لا بأس به وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال: ربما أخطأ، وقال النسائي: =

<<  <  ج: ص:  >  >>