للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْخَمْرَ، فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا يَشْرَبْ وَلَا يَبِعْ. قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَسَفَكُوهَا.»

(٠٠٠) حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ (رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ) أَنَّهُ جَاءَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ. (ح)

(١٥٧٩) (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، (وَاللَّفْظُ لَهُ)، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ السَّبَئِيِّ (مِنْ أَهْلِ مِصْرَ) «أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَمَّا يُعْصَرُ مِنَ الْعِنَبِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَجُلًا أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا؟ قَالَ: لَا. فَسَارَّ إِنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمَ سَارَرْتَهُ؟ فَقَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا. قَالَ: فَفَتَحَ الْمَزَادَةَ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهَا.»

(٠٠٠) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.

(١٥٨٠) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاقْتَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ نَهَى عَنِ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ».


= عرض بالخمر قبل تحريمها مرتين، مرة في قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: ٢١٩] ومرة في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] ثم أنزل تحريمه الصريح بعد ذلك (فمن أدركته هذه الآية) أي آية تحريم الخمر، وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩٠، ٩١] (فسفكوها) أي صبوها وأراقوها. والحديث دليل على تحريم بيع الخمر مع تحريم شربها. وفيه دليل أيضًا على أن الأشياء قبل ورود الشرع لا تكليف فيها بتحريم ولا غيره. فمن تنزه شيئا يشك في صحة العمل به عقلا فهو أورع وأتقى إن شاء الله.
٦٨ - قوله: (السبإي) بفتحتين، نسبة إلى سبأ. (عما يعصر من العنب) من العصر، بالبناء للمجهول، وهو استخراج ما في العنب من الماء (راوية خمر) أي قربة ممتلئة خمرًا (فسار إنسانًا) بتشديد الراء، أي تكلم ذلك الرجل إنسانًا سرًّا (إن الذي حرم شربها حرم بيعها) وهذا مطرد في كل حرام لا يكون المقصود منه إلا الأكل والشرب، يعني فبيعه حرام مثل أكله وشربه، أما إذا كان فيه منفعة مباحة مقصودة غير الأكل والشرب فإن بيعه يجوز مع تحريم أكله وشربه، وذلك مثل البغل والحمار الأهلي، فإن أكلهما حرام، وبيعهما جائز بالإجماع (ففتح المزاد) ويقال أيضًا: المزادة، وهي القربة، وهي التي عبر عنها بالراوية، ويقال للقربة الراوية لأنها تروي صاحبها ومن معه، ويقال لها المزادة لأنه يتزود فيها الماء في السفر وغيره.
٦٩ - قوله: (الآيات من آخر سورة البقرة) أي التي فيها بيان تحريم الربا (ثم نهى عن التجارة في الخمر) قال القاضي وغيره: تحريم الخمر في سورة المائدة، وهي نزلت قبل آية الربا بمدة طويلة، فإن آية الربا آخر ما نزل، أو من آخر ما نزل، فيحتمل أن يكون هذا النهي عن التجارة متأخرًا عن تحريمها، ويحتمل أنه أخبر بتحريم التجارة حين حرمت الخمر، ثم أخبر به مرة أخرى بعد نزول آية الربا، توكيدًا ومبالغة في إشاعته، ولعله حضر المجلس من لم =

<<  <  ج: ص:  >  >>