للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٩٠٢) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ. (ح) وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّهُ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى.»

بَابٌ فِي سُكْنَى الْمَدِينَةِ وَعِمَارَتِهَا قَبْلَ السَّاعَةِ

(٢٩٠٣) حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَبْلُغُ الْمَسَاكِنُ إِهَابَ أَوْ يَهَابَ» قَالَ زُهَيْرٌ: قُلْتُ لِسُهَيْلٍ: فَكَمْ ذَلِكَ مِنَ الْمَدِينَةِ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا مِيلًا.


٤٢ - قوله: (تضيء) متعد (ببصرى) بضم الباء مقصورًا، مدينة مشهورة في بلاد الشام في جنوب سورية في منطقة حوران، وقد ظهرت هذه النار المذكورة في هذا الحديث في عام ٦٥٤ هـ (أربعة وخمسين وستمائة هجرية) في شرف المدينة النبوية ممتدة من الجنوب إلى الشمال، وقد تواتر النقل فيها، وأثبت أعيان أهل العلم تفاصيلها في مصنفاتهم، وخلاصة القول في ظهورها أن زلازل متقطعة خفيفة ابتدأت يوم الاثنين الأول من شهر جمادى الآخرة سنة ٦٥٤ هـ، ثم اشتدت في يوم الثلاثاء وازدادت في ليلة الأربعاء، وفي آخر الليل حدثت زلزلة عظيمة جدًّا أشفق الناس منها، واستمرت بقية الليل إلى يوم الجمعة، ولها دوي عظيم، أعظم من الرعد القاصف، فتموجت الأرض وتحركت الجدران، حتى اضطربت منائر المسجد النبوي الشريف، وسمع لسقفه صرير عظيم، ثم سكنت الزلزلة ضحى يوم الجمعة إلى نصف النهار، فلما انتصف نهار الجمعة ظهرت تلك النار، فثار من محل ظهورها دخان متراكم غشى الأفق سواده، فلما أقبل الليل سطع شعاع النار، فظهرت مثل المدينة العظيمة عليها سور محيط، عليه شراريف وأبراج ومآذن، ويرى رجال يقودونها، لا تمر على جبل إلَّا دكته وأذابته، ويخرج من مجموع ذلك مثل النار أحمر وأزرق، له دوي كدوي الرعد، يأخذ الصخور بين يديه، وكان خروجها من جهة بني قريظة ثم امتدت في المشرق، ثم اتجهت إلى الشمال، وقد جرى جانبها الشرقي في الأودية حتى حالت دونها الجبال، فاتجهت في وادي الشظاة، ووصلت إلى الحرة الشرقية من المدينة، وكانت بطول أربعة فراسخ وعرض أربعة أميال، وكان يسيل الصخر حتى يبقى مثل الآنك ثم يصير كالفحم، حتى وصلت إلى جبل وعيرة شرقي جبل أحد، ومضت في وادي الشظاة حتى استقرت تجاه حرم المدينة، وكادت تقارب حرة عُريض، ورجعت تسير في المشرق، ولم يزل يجتمع منها في وسط وادي الشظاة إلى جهة جبل وعيرة عند منتهى الحرة حتى سدت الوادي المذكور بسد عظيم من الحجر المسبوك بالنار، وانقطع وادي الشظاة بسبب ذلك السد، وصار سيل الأمطار إذا جاء ينحبس وراء ذلك السد، حتى يصبح بمثابة البحر مد البصر عرضًا وطولًا، واستمرت النار من يوم الجمعة الخاص من جمادى الآخرة إلى يوم الأحد السابع والعشرين من رجب، أي اثنين وخمسين يومًا، ثم خمدت عدة أيام ثم ظهرت ثم سكنت حتى طالت مدتها ثلاثة أشهر، وكان من قوة هذه النار أنَّها كانت ترمي بشرر كالقصر، وكانت تزبد الأحجار كالبحار المتلاطمة، وكأن الحرم النبوي عليه الشمس مشرقة وكأن الشمس والقمر قد كسفا، وقد رئيت هذه النار من مكة ومن جبال بصري، ورئيت أعناق الإبل بها في ضوئها. وكان يأتي إلى المدينة مع كلّ هذا نسيم بارد، وقد انخرق السد عام ٦٩٠ هـ ثم بعد عشرين سنة، ثم بعد فترة، حتى عاد كأنه طبيعي، وهو اليوم في طريق مطار المدينة.
٤٣ - قوله: (إهاب أو يهاب) موضع وبئر في الحرة الغربية على بعد ميل من المدينة قبل العقيق، بنت فاطمة بنت الحسين بيتًا كما بنى الآخرون بيوتهم فبلغت المساكن إليه في ذلك الزمان، أما اليوم فهو منطقة عامرة، وجاوزته البيوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>