للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ

رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ.»

(٠٠٠) حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ جَمِيعًا، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ».

بَابٌ: فِي بَيَانِ الْإِيمَانِ بِاللهِ وَشَرَائِعِ الدِّينِ

(١٢) حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، الْعَاقِلُ، فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتَانَا رَسُولُكَ، فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ قَالَ: اللهُ، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ؟ قَالَ: اللهُ، قَالَ: فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ، وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ؟ قَالَ: اللهُ، قَالَ: فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَخَلَقَ الْأَرْضَ وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ، آللهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا، قَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا زَكَاةً فِي أَمْوَالِنَا؟ قَالَ: صَدَقَ،


= قوله: (لا أزيد على هذا ولا أنقص منه) أي لا أزيد على كل من هذه الفرائض بفريضة أخرى مثلها، مثلا لا أصلي ست صلوات مكان الخمس، أما الزيادة بالتطوع فقد بين جوازها النبي - صلى الله عليه وسلم - في صراحة قوله: "إلا أن تطوع" فلا معنى لنفيها، نعم قد يستشكل بأن الحج غير مذكور، ويجاب بأنه إما لم يكن قد فرض في ذلك الوقت، أو أن هذا جاء من قبل اختصار الراوي، ويؤيده أنه جاء في رواية البخاري في آخر هذا الحديث "قال: فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشرائع الإسلام" فبعموم قوله: "شرائع الإسلام" يزول الإشكال.
٩ - قوله (أفلح وأبيه إن صدق) هذا ليس من قبيل الحلف بالآباء، وإنما هي كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها حقيقة الحلف، والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف، لما فيه من إعظام المحلوف به ومضاهاته به الله سبحانه وتعالى.
١٠ - قوله: (أن يجيء الرجل من أهل البادية) أي ممن لم يبلغهم النهي عن السؤال، فيسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنستفيد منه. وقوله: (العاقل) بالرفع صفة الرجل، وإنما تمنوا أن يكون عاقلًا، لأنه يكون أعرف بكيفية السؤال وآدابه والمهم منه وحسن المراجعة، وهذه هي أسباب عظم الانتفاع بالجواب. قوله: (فجاء رجل) هو ضمام بن ثعلبة سيد بني سعد بن بكر. قوله: (فزعم لنا، أنك تزعم) دليل على أن الزعم يستعمل في القول المحقق والصدق الذي لا شك فيه، ولا يختص بالقول المشكوك فيه أو الكذب، والأسئلة التي جاءت في هذا الحديث قال عنها النووي: قال صاحب التحرير: هذا من حسن سؤال هذا الرجل، وملاحة سياقته وترتيبه، فإنه سأل أولًا عن صانع المخلوقات من هو؟ ثم أقسم عليه به أن يصدقه في كونه رسولا للصانع، ثم لما وقف على رسالته وعلمها أقسم عليه بحق مرسله، وهذا ترتيب يفتقر إلى عقل رصين. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>