للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ فَضْلِ الصِّيَامِ

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ، أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ وَهُوَ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ، وَلَا يَسْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ، أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا؛ إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ».


= أو الفعل خلاف الحكمة وخلاف الصواب أي لا يفعل شيئًا من أفعال أهل الجهل كالصياح والسفه والسخرية ونحو ذلك. (شاتمه) أي سابه وخاصمه باللسان (أو قاتله) أي تهيأ لقتاله (فليقل: إني صائم) فإن الأغلب أنه يكف، فإن لم يكف دفعه بالأخف فالأخف.
١٦١ - قوله: (كل عمل ابن آدم له) يعني أجره بقدر عمله، أي إنه عالم بجزائه ومقدار تضعيفه إجمالًا، وهو أنه من عشرة أمثاله إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ويحتمل أن يكون معنى كون عمل ابن آدم له أنه يمكن له فيه الرياء (إلا الصيام، هو لي وأنا أجزي به) أي إن الصوم سر بيني وبين عبدي يفعله خالصًا لوجهي، لا يطلع عليه العباد، لأن الصوم لا صورة له في الوجود بخلاف سائر العبادات، وأنا العالم بجزائه، أتولى بنفسي إعطاء جزائه، لا أكله إلى غيري، وفيه إشارة إلى تفخيم العطاء وتعظيم الجزاء، وأن مضاعفة جزاء الصوم من غير عدد ولا حساب. وهو موافق لقوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: ١٠] والصابرون هم الصائمون أو منهم الصائمون. (لخلفة فم الصائم) بلام الابتداء، وخلفة بضم الخاء وسكون اللام، وهو تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام، والذي يحدث لأجل خلو المعدة بترك الأكل، ولا يذهب بالسواك، لأنها رائحة النفس الخارج من المعدة، وإنما يذهب بالسواك ما كان في الأسنان من التغير. وكونها أطيب من ريح المسك عبارة عن الرضا والقبول عند الله، وتقريب العبد من الله، وأنَّه يبدل بخلوفه هذا بما هو أطيب من ريح المسك يوم القيامة.
١٦٢ - قوله: (جنة) بضم الجيم وتشديد النون، وهي الترس والوقاية والستر، أي إن الصوم يستر صاحبه ويحفظه من الوقوع في المعاصي في الدنيا، ومن الوقوع في النار يوم القيامة. ولأحمد والنسائي والبيهقي من حديث أبي عبيدة بن الجراح: "الصيام جنة ما لم يخرقها". زاد الدارمي: "بالغيبة".
١٦٣ - قوله: (ولا يسخب) كذا جاء هنا بالسين، وهو يأتي بالسين والصاد، والخاء مفتوحة، أي لا يصيح ولا يخاصم، ولا يرفع صوته بالهذيان، فهو بمعنى ما تقدم في طريق الأعرج مكان هذا: "ولا يجهل" وفي رواية سعيد بن منصور: "ولا يجادل" وهذا كله ممنوع على الإطلاق، لكنَّه يتأكد بالصوم (لخلوف) اللام الأولى مفتوحة للابتداء، والخلوف بضم الخاء واللام، وحكى بعضهم فتح الخاء، وخطأه آخرون، وهو تغير رائحة الفم لخلو المعدة من الطَّعام، أي بمعنى الخلفة، في الحديث السابق (فرح بفطره) لزوال جوعه وعطشه، وهذا فرح طبيعي، ولتمام صومه وخاتمة عبادته، وهذا فرح لأجل الإيمان (وإذا لقي ربه فرح بصومه) لترتب الجزاء الوافر عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>