١ - قوله: (ولكن اليمين على المدعى عليه) وفي رواية للبيهقي وغيره "ولكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر" و "البينة" بفتح الباء وتشديد الياء المكسورة، هي في الأصل الحجة الواضحة، سميت بينة لأنَّها تبين الحق وتظهره، والمراد في الحديث ما يبين صدق المدعي، وهو شهادة رجلين حضرا الوقعة وشاهداها، والحديث قاعدة جليلة في مسألة القضاء. وفيه أنه لا يقبل قول إنسان فيما يدعيه يمجرد دعواه، بل يحتاج إلى بينة أو تصديق المدعى عليه، فإن طلب يمين المدعى عليه فله ذلك. ٢ - قوله: (قضى باليمين ... إلخ) أي إذا لَمْ يقم المدعي البينة. ٣ - قوله: (بيمين وشاهد) وذلك حينما لَمْ يكن للمدعي إلَّا شاهد واحد، فقبل يمين المدعي بدل الشاهد الآخر، وإليه ذهب مالك والشافعي، وأحمد وإسحاق وجمهور الأمة، فقالوا بجواز الحكم بالشاهد الواحد واليمين في الأموال، وأما في غير الأموال فقالوا: لابد من شاهدين، وأما أبو حنيفة فقال: لابد من شاهدين سواء كانت الدعوى في الأموال أو في غير الأموال، وأحاديث الباب التي رواها نيف وعشرون نفسًا حجة عليه، وأما ما استدل به من مفهوم قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢]، وقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} الآية [البقرة: ٢٨٢] فلا يتم الاستدلال به، لا سيما وهو ممن لا يقول بالمفهوم. ولابن القيم بحث نفيس حول موضوع البينة والشهادة في إعلام الموقعين (١/ ٣٢ - ٣٨).