للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ، وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمِثْلِ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ وَقَالَ: «وَرَجُلٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ».

بَابُ بَيَانِ أَنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ

(١٠٣٢) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ؟ فَقَالَ: أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الْغِنَى وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، أَلَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ

إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ فَقَالَ: أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهُ أَنْ تَصَدَّقَ، وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ وَلَا تُمْهِلْ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ بِهَذَا


= والحكام، قدمه على غيره لكثرة مصالحه وعموم نفعه، وشمول ضرره إذا حاد عن جادة الصواب (قلبه معلق في المسجد) ولو كان خارجًا عنه، فمعناه أنه شديد الحب له، والملازمة للجماعة فيه، وليس المراد دوام القعود فيه (تحابا في الله) أي أحب كل واحد منهما الآخر لأجل التزامه بدين الله ونصرته له والقيام بحقوقه لا لسبب آخر من أسباب الدنيا (اجتمعا عليه، وتفرقا عليه) يعني لو حصل بينهما الاجتماع حصل على حبهما في الله، ولو حصل الافتراق حصل وهما متحابان في الله، يعني هما متحابان في حالة الاجتماع والافتراق كليهما، وهذا هو الحب الصحيح (ذات منصب وجمال) خص ذات المنصب والجمال لكثرة الرغبة فيها وعسر حصولها، ثم إنها أغنته عن مشاق التوصل إليها حيث دعته إلى نفسها وطلبت منه ذلك، فالصبر عنها لخوف الله من أكمل المراتب وأعظم الطاعات (حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) هذا وهم، والصحيح حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، وهو مبالغة في الإخفاء والاستتار بالصدقة. وضرب المثل بهما لقرب اليمين من الشمال وملازمتها لها (ففاضت عيناه) أي سالت بالدموع خوفًا من الله.
٩٢ - قوله: (إن تصدق) بفتح التاء وتخفيف الصاد، أصله تتصدق، حذفت إحدى التائين، ويجوز بتشديد الصاد، بإبدال التاء صادًا ثم إدغامها في الصاد (وأنت صحيح) لم تدخل في مرض مخوف (شحيح) حريص على المال لحاجتك إليه، والرجل في حال صحته يكون شحيحًا (تخشى الفقر) بصرف المال (وتأمل الغنى) بإبقائه عندك (ولا تمهل) أي لا تمهل نفسك عن الصدقة ولا تؤخرها (حتى إذا بلغت) أي الروح (الحلقوم) أي الحلق وهو مجرى النفس، أي قاربت الموت (قلت) موصيا (وقد كان لفلان) الوارث، أي وقد صار المال الذي تتصرف فيه في هذه الحالة ثلثاه حقًّا للوارث، وأنت تتصدق بجميعه فكيف يقبل منك.
٩٣ - قوله: (وأبيك) هذا ليس من اليمين المعقودة بالقلب، وإنما جرى على اللسان من غير تعمد، فلا يكون يمينا، ولا منهيًا عنها (لتنبأنه) بالبناء للمفعول، أي لتخبرن بذلك (وتأمل البقاء) أي الحياة، وهي منوطة بالحاجات.

<<  <  ج: ص:  >  >>