٢٨٧ - قولها: (أعظم على الله الفرية) بكسر الفاء: الكذب والاختلاق، وقوله: (أنظريني) أي أمهليني، واعلم أن الروايات اختلفت عن الصحابة في رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه سبحانه وتعالى، فجاء عن ابن عباس وغيره - رضي الله عنهم - أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه بفؤاده مرتين، وجاء عن عائشة - رضي الله عنها - وغيرها نفي ذلك كما في هذه الرواية، واختلفت أقوال السلف أيضًا في ذلك، وعند تدقيق النظر نجد أن ابن عباس - رضي الله عنهما - لم يسند ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بل استنبطه مما جاء في سورة النجم من الآيات، بينما عائشة - رضي الله عنها - سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تلك الآيات نفسها فأجابها بأنَّه رأى جبريل على صورته مرتين، فهذا مرفوع مسند إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس مجرد استنباط منها - رضي الله عنها - وهو يعارض ما استنبطه ابن عباس معارضة واضحة ويعارضه أيضا آخر تلك الآيات وهو قوله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: ١٨] بدون واو العطف فإن هذه الآية بغير واو العطف تعد بيانًا وإيضاحًا لما سبق في قوله {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: ١١] وفي قوله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: ١٣] أي إن المرئى كان من آيات ربه الكبرى لا الرب نفسه، فالذي روته عائشة وذهبت إليه هو الصواب إن شاء الله تعالى وهو أعلم بالصواب.