١٦٩ - قوله: (هل عندكم شيء؟ ) ولأبي داود: هل عندكم طعام؟ وفي رواية النسائي: غداء، وهو ما يؤكل قبل الزَّوال، ففيه دليل على صحة صوم النافلة بنيَّة من النهار (فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي من عندها في يوم آخر (جاءنا زور) بفتح فسكون أي الزوار، والزور يطلق على الواحد والجماعة القليلة والكثيرة، يعني جاءنا زائرون ومعهم هدية، أو أهدي لنا بسببهم هدية (حيس) بفتح فسكون تمر مخلوط بسمن وأقط، وقيل: طعام يتخذ من الزبد والتمر والأقط، وقد يبدل الأقط بالدقيق والزبد بالسمن، وقد يبدل السمن بالزيت، وربما يجعل فيه السويق. قال الخطابي: في الحديث من الفقه جواز إفطار الصائم قبل الليل إذا كان متطوعًا به، ولم يذكر إيجاب القضاء، وكان غير واحد من الصحابة يفعل ذلك، منهم ابن مسعود وحذيفة وأبو الدرداء وأبو أيوب الأنصاري، وبه قال الشافعي وأحمد. انتهى. وإليه ذهب الجمهور، وقال النخعي وأبو حنيفة ومالك: يلزم بالشروع فيه، ولا يخرج منه إلا لعذر، فإن خرج بعذر فلا قضاء عليه عند مالك، وأوجب أبو حنيفة القضاء في كل حال. والحقُّ ما ذهب إليه الجمهور، يدل عليه هذا الحديث، وحديث أبي جحيفة، رواه البخاري، في قصة زيارة سلمان أبا الدرداء، وإفطار أبي الدرداء لقسم سلمان، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرر ذلك، ولم يبين لأبي الدرداء وجوب القضاء عليه، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. ويدل عليه أيضًا ما روى البخاري وغيره من أمره - صلى الله عليه وسلم - جويرية بالإفطار من صوم يوم الجمعة. وما روى أبو داود والترمذي وغيرهما من قصة أم هانئ أنها شربت من فضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قالت: يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة. فقال لها: أكنت تقضين شيئًا؟ قالت: لا، قال: فلا يضرك إن كان تطوعًا. ووقع في رواية لأحمد (١/ ٣٥٣) والنسائي في الكبرى والدارقطني والدارمي والطحاوي والبيهقي (٤/ ٢٧٨، ٢٧٩): إن كان قضاء من رمضان فصومي يومًا مكانه، وإن كان =