للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: بَرَكَاتُ الْأَرْضِ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ: وَهَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ قَالَ: لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَّا بِالْخَيْرِ، لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَّا بِالْخَيْرِ، لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَّا بِالْخَيْرِ، إِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ، أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ، فَإِنَّهَا تَأْكُلُ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، ثُمَّ اجْتَرَّتْ، وَبَالَتْ، وَثَلَطَتْ، ثُمَّ عَادَتْ، فَأَكَلَتْ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ».

(٠٠٠) حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ

فَقَالَ: إِنَّ مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا، وَزِينَتِهَا فَقَالَ رَجُلٌ: أَوَ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ تُكَلِّمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُكَلِّمُكَ؟ قَالَ: وَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، فَأَفَاقَ يَمْسَحُ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا السَّائِلَ (وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ) فَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ، أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ، فَإِنَّهَا أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ، وَبَالَتْ، ثُمَّ رَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ هُوَ لِمَنْ أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ، وَالْيَتِيمَ، وَابْنَ السَّبِيلَ، - أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

بَابُ فَضْلِ التَّعَفُّفِ، وَالصَّبْرِ

(١٠٥٣) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، قَالَ: مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ، فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَصْبِرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيْرٌ، وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ.»


= والحبوب والفواكه وأمثالها، وما ينشأ بها من الأنعام والدواب، وما يصنع بها من العروض والأمتعة وأنواع الصناعات (امتدت خاصرتاها) أي انبسطت لأجل امتلائهما بأكل العشب والنبات (خضرة حلوة) خضرة، تستحسنها العين في رؤيتها وحلوة أي كفاكهة حلوة يستلذها الفم في أكلها. فكذلك المال مستحسن مرغوب فيه عند النفس. وقد تقدم.
١٢٣ - قوله: (فأفاق) أي عن الحال الذي كان يعتريه عند نزول الوحي (يمسح عنه الرحضاء) بضم الراء وفتح الحاء ممدودًا، أي العرق الذي حصل له من شدة الوحي، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه الوحي يعرق بشدة كأنه يتفصد عرقًا حتى في يوم شديد البرد (أنى هذا السائل) كذا في بعض النسخ، أي أنى هذا السائل الممدوح الحاذق الفطن، وفي بعض النسخ الأخرى: "أين هذا السائل؟ " بلفظ السؤال، وسأل عند على سبيل الاعتناء والمدح لحسن سؤاله.
١٢٤ - قوله: (حتى إذا نفد) بالدال المهملة أي فرغ وانتهى (من خير) أي مال (فلن أدخره) أي لن أحبسه وأمنعه (من يستعفف) أي من يطلب من نفسه العفة عن السؤال، يعني حاول التعفف وتكلفه (يعفه الله) بضم الياء، أي يرزقه الله العفة والكف عن السؤال (ومن يستغن) عن أموال الناس بما أعطاه الله (يغنه الله) أي يجعله غنيا بالقلب (ومن =

<<  <  ج: ص:  >  >>