للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ، وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

بَابُ مَنِ اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَى

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى ثَنَّى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ أَحْصَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ، فَأَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ».


= فارجموهما البتة نكالًا من الله، والله عزيز حكيم" (وعيناها) أي حفظناها (وعقلناها) أي فهمناها (والرجم في كتاب الله حق) أي في قوله تعالى {أَو يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} إذ بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المراد به رجم الثيب وجلد البكر (أحصن) الإحصان أن يكون المرء عاقلًا بالغًا، وقد تزوج حرة تزويجًا صحيحًا وجامعها (إذا قامت البينة) وهي أربعة شهود بشروطها (أو كان الحبل) بفتحتين، أي الحمل، أي وجدت المرأة الخلية من زوج أو سيد حبلى، ولم تذكر شبهة ولا إكراه (أو الاعتراف) أي الإقرار بالزنا.
١٦ - قوله: (أتى رجل من المسلمين) هو ماعز بن مالك الأسلمي (فتنحى تلقاء وجهه) أي تحول الرجل من الجانب الذي أعرض عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جانب وجهه - صلى الله عليه وسلم - (حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات) أي كرر أربع مرات قوله: "إني زنيت" (فلما شهد على نفسه أربع شهادات ... إلخ) استدل به على اشتراط تكرير الإقرار بالزنا أربعًا، فإن فيه إشعارًا بأن العدد هو العلة في تأخير إقامة الحد عليه، وإلا لأمر برجمه في أول مرة، ويؤيده القياس على عدد شهود الزنا، وهو قول الكوفيين، والراجح عند الحنابلة. وقال الجمهور: إن التربيع في الإقرار ليس بشرط، فليس في السياق ما يدل على أن هذا التربيع شرط، بل الذي يدل عليه السياق هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أعرض عنه إما لشبهة في إقراره، أو ليرجع فيتوب فيما بينه وبين الله، ولذلك لم يكتف بإقراره أربع مرات، بل أدلى إليه بعد ذلك بأسئلة من شتى النواحي، وأبدى عدة شبهات، ولقنه عدة كلمات تمكن له من الرجوع، أو يتحقق أمره جليًّا لا يحوم حوله شك ولا=

<<  <  ج: ص:  >  >>