للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ.

بَابُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ

(١٧٨٧) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،

حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ، حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ: «مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا، إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ، قَالَ: فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا: مَا نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: انْصَرِفَا، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيْهِمْ.»

بَابُ غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ

(١٧٨٨) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَوْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلْتُ مَعَهُ وَأَبْلَيْتُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنْتَ كُنْتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ! لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ وَأَخَذَتْنَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ وَقُرٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ، جَعَلَهُ اللهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَسَكَتْنَا، فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ. ثُمَّ قَالَ: أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ، جَعَلَهُ اللهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَسَكَتْنَا، فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ. ثُمَّ قَالَ: أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ، جَعَلَهُ اللهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَسَكَتْنَا، فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ. فَقَالَ: قُمْ يَا حُذَيْفَةُ، فَأْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ. فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ، قَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ، وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ. فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِنْ عِنْدِهِ جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ، فَرَأَيْتُ أَبَا سُفْيَانَ يَصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ، فَوَضَعْتُ


٩٨ - قوله: (حسيل) بالتصغير، بدل من أبي، وهو اسم أبي حذيفة، وإنما عرف باليمان لأنه هرب إلى المدينة، فحالف بني عبد الأشهل، فسماه قومه اليمان؛ لأنه حالف اليمانية.
٩٩ - قوله: (وأبليت) أي بذلت الجهد الكبير وبالغت في نصرته (ليلة الأحزاب) يريد الليلة التي أرسل الله فيها الريح والملائكة على الأحزاب (قر) بضم القاف وتشديد الراء، هو البرد (لا تذعرهم عليّ) أي لا تخوفهم ولا تحركهم علي، وذلك بأن لا تفعل أي فعل ينتبهون به على أنَّ أحدًا من المسلمين دخل فيما بينهم (في حمام) بتشديد الميم، موضع الاغتسال بالماء الحميم، أي الساخن، والمعنى أنه لما قام ليذهب إلى العدو انقلب له البرد حرًّا، بتصرف الله سبحانه وتعالى، ولم يزل كذلك حتى أتاهم، واطلع على أحوالهم، ثم رجع وأخبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما رأي، حتى إذا فرغ من ذلك عاد له البرد، وقد فعل الله به ذلك ببركة إجابته للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما دعاه إليه في ذلك الوقت الشديد. (يَصْلى ظهره) من الصلا، بفتح الصاد والقصر، والصلاء بكسر الصاد والمد، وهو التدفئة، أي يدفىء ظهره بالنار ويدنيه منها (كبد القوس) أي وسطها ومقبضها (قررت) أي أصابني القر، وهو البرد (عباءة) هو الكساء المفتوح من قدام يلبس فوق الثياب (قم يا نومان) أي كثير النوم أو المستغرق فيه. ومقصود حذيفة من ذكر هذه القصة أنهم مع تفاديهم لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتفانيهم في نصرته ربما تكاسلوا عن امتثال أمره في شدة الظروف، فلا ينبغي التمادي في مثل الأماني التي أبداها ذلك الرجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>