١٢٥ - قوله: (يذكر العزل) بفتح العين وسكون الزاء، هو أن يجامع الرجل المرأة فإذا قارب الإنزال نزع الذكر وأنزل خارج الفرج (بلمصطلق) أي بني المصطلق، وهي غزوة المريسيع، وقعت في شعبان سنة خمس أو ست (فسبينا كرائم العرب) أي أسرنا النساء النفيسات منهم (فطالت علينا العزبة) بضم العين وسكون الزاء، هي كون الرجل بغير مرأة، والمرأة بغير زوج، يعني طال علينا البعد عن الأزواج، واشتهينا وطء هذه المسبيات، وفي نفس الوقت (رغبنا في الفداء) وذلك بأن تكون هذه المسبيات بحيث إذا أراد أهلهن أن يسترجعوهن بالفداء نردهن إليهم ونأخذ الفداء، أو إذا أراد أناس أن يشترونهن نبيعهن لهم ونأخذ ثمنهن، وذلك يقتضي أن لا يحملن، وإلا يمتنع أخذ الثمن أو الفداء. والوطء فيه خطورة الحمل (فأردنا أن نستمتع) بالوطء (ونعزل) بالإنزال خارج الفرج حتى لا يستقر الحمل (لا عليكم أن لا تفعلوا) أي ما عليكم ضرر في ترك العزل، لأنَّ كلّ نفس قدر الله خلقها لابد وأن يخلقها، سواء عزلتم أم لا، وما لَمْ يقدر خلقها لا يقع، سواء عزلتم أم لا، فلا فائدة فيما تريدون من العزل (نسمة) بفتحتين: الإنسان أو كلّ ذي روح، والحديث ليس بصريح في تحريم العزل. بل السياق يفيد أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رآه عملا عبثًا لا ضارًا ولا نافعًا، فلا فائدة في إتيانه. ومن الغريب جدًّا أن يقاس على العزل ما يفعله أطباء هذا الزمان من قطع بعض العروق لإبطال قوة التوليد مع بقاء قوة الجماع، لتحديد النسل، فإن بينهما فرقًا عظيمًا، فالعزل سبب ظني مؤقت، بل ليس هو سببًا لمنع الحمل حقيقة، ومع ذلك لا يزال بخيار العازل، إن شاء فعل وإن شاء ترك، وأما قطع العرق فهو تعقيم كامل، وسبب قطعي دائمي مستقل، لا يبقى لصاحبه الخيار بعد القطع، وفيه من تغيير خلق الله وصرت نظام الجسم، وإبطال عمل بعض القوي، وإيصال الداء الموبق - مثل السرطان - إلى موضع القطع وإلى القلب والرئة وغيرهما ما لا يخفى على من له خبرة بآثاره ونتائجه الخبيثة.