للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْإِسْلَامِ مَا بَقِينَا أَبَدَا

أَوْ قَالَ: عَلَى الْجِهَادِ. شَكَّ حَمَّادٌ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الْآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ.»

بَابُ غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ وَغَيْرِهَا

(١٨٠٦) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، (يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ) , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ يَقُولُ: «خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالْأُولَى, وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْعَى بِذِي قَرَدٍ, قَالَ: فَلَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ, فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ. قَالَ: فَصَرَخْتُ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ: يَا صَبَاحَاهْ, قَالَ: فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ , ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِي حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ بِذِي قَرَدٍ, وَقَدْ أَخَذُوا يَسْقُونَ مِنَ الْمَاءِ, فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِي, وَكُنْتُ رَامِيًا, وَأَقُولُ:

أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

فَأَرْتَجِزُ حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ, وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً. قَالَ: وَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ, فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ, إِنِّي قَدْ حَمَيْتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ, فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ, فَقَالَ: يَا ابْنَ الْأَكْوَعِ مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا, وَيُرْدِفُنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ.»


١٣١ - قوله: (قبل أن يؤذن بالأولى) أي بصلاة الفجر (لقاح) بكسر اللام وتخفيف القاف، هي الناقة ذات اللبن، واحدها لقحة بكسر اللام وبفتحها، ذكر ابن سعد أنَّها كانت عشرين لقحة (ترعى بذي قرد) الظاهر أن هذا وهم، فإن اللقاح كانت ترعى بالغابة، وهي قبل ذي قرد إلى جهة المدينة بكثير، ويدل له سياق الغزوة ولا سيما قوله: "ثم اندفعت على وجهي حتى أدركتهم بذي قرد" (ياصباحاه) هي كلمة تقال عمد استنفار من كان غافلًا عن عدوه، وكانوا يصيحون بها إذا وقعت الغارة عليهم، لأنَّ الغارة أكثر ما كانت تقع في الصباح (ما بين لابتي المدينة) تثنية لابة، وهي الحرة، وهي الأرض ذات الحجارة السود، والمدينة واقعة بين حرتين: الوبرة وواقم، يريد أنه أسمع بصرخاته جميع أهل المدينة، وفيه إشعار بأنه كان رفيع الصوت جدًّا (ثم اندفعت) أي أسرعت السير (اليوم يوم الرضع) بضم الراء وتشديد الضاد، جمع راضع، وهو اللئيم، فمعناه اليوم يوم اللئام، أي يوم هلاك اللئام. وقيل: معناه: اليوم يعرف من رضع كريمة فأنجبته، ومن رضع لئيمة فهجنته (واستلبت) أي سلبت (قد حميت القوم الماء) أي منعتهم من الشرب (فابعث إليهم الساعة) أي قطعة من الجيش حتى نقتلهم أو نأسرهم، وسيأتي تبيين هدا الاقتراح (ملكت فأسجح) بهمزة قطع وسين مهملة ساكنة وجيم مكسورة، أي ارفق وسهل، والمعنى قدرت فاعف، والسحاجة السهولة.
١٣٢ - قوله: (وعليه خمسون شاة لا ترويها) وفي نسخة: (عليها) بدل عليه أي كانت على بئر الحديبية خمسون شاة، لَمْ تكن البئر تكفي لشربها وريها لقلة ما فيها من الماء (على جبا الركية) الركية: البئر، وجباها: طرفها =

<<  <  ج: ص:  >  >>