للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَذْكُرُونَ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلَا فِي آخِرِهَا.

(٠٠٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ: أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَذْكُرُ ذَلِكَ.

بَابُ حُجَّةِ مَنْ قَالَ: الْبَسْمَلَةُ آيَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ سِوَى بَرَاءَةٌ

(٤٠٠) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، أَخْبَرَنَا الْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

(٠٠٠) (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا. فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ. فَقَرَأَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَإِنَّهُ نَهَرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ. هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي

يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ. فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ: رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي، فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ؟ »


وقوله: (لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها) اعلم أن الروايات قد كثرت عن أنس في هذا واضطربت نفيًا وإثباتًا في الجهر بالبسملة أو الإسرار بها وقراءتها أو نفيها، حتى أعله بعضهم بهذا الاضطراب وقال: هذا اضطراب لا تقوم معه حجة لأحد من الفقهاء، وحاول بعضهم الجمع وبعضهم الترجيح، قال الحافظ: والذي يمكن أن يجمع به مختلف ما نقل عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يجهر بها، فحيث جاء عن أنس أنه كان لا يقرؤها مراده نفي الجهر، وحيث جاء عنه إثبات القراءة فمراده السر، وقد ورد نفي الجهر عنه صريحًا فهو المعتمد. اهـ وقال من سلك مسلك الترجيح: إن المحفوظ من رواية أنس هو ما رواه الشيخان وغيرهما عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين، وهو كما ترى لا ينفي قراءة البسملة وإنما ينفي الجهر بها فقط، لأنه ثبت أنه كان يفتتح بالتوجه، وبسبحانك اللهم، وبباعد بيني وبين خطاياي، وبأنه كان يستعيذ وغير ذلك من الأخبار الدالة على أنه قدم على قراءة الفاتحة شيئًا بعد التكبير فيحمل قوله: "يفتتحون" أي الجهر، لتأتلف الأخبار، والحاصل أن مآل الجمع والترجيح واحد، وهو نفي الجهر بالبسملة.
٥٣ - قوله: (أغفى إغفاءة) أي نام نومة خفيفة، والظاهر أنه نام جالسًا {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: ٣] الشانىء هو العدو المبغض، والأبتر: منقطع النسل، والمراد هنا: المنقطع عن الخير والذكر. وقوله: (يختلج) أي ينتزع ويقتطع، فيمنع عن الحوض (ما أحدثت) بصيغة التأنيث وفاعلها الأمة والمراد أمثال هؤلاء من الأمة، والحديث بظاهره دليل على أن البسملة نزلت مع سورة الكوثر فهي جزء منها، وعلى هذا الأساس تكون جزءًا من كل سورة، إلا أن الحديث ليس بنص فيه، إذ يحتمل أن تكون آية مستقلة تفتح بها قراءة كل سورة، ويحتمل أن لا تكون آية، وإنما يسن بها افتتاح القراءة، لكن كتابتها في المصحف، وبخط المصحف، في بداية كل سورة مع شدة اهتمام الصحابة بتجريد المصحف عن كل ما ليس منه دليل على أنها إما آية مستقلة تفصل بها بين كل سورتين وتفتتح بها السور - سوى سورة براءة - أو أنها آية من كل سورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>