للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيَرَانِي اللهُ مَا أَصْنَعُ. قَالَ: فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا،

قَالَ: فَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ: يَا أَبَا عَمْرٍو، أَيْنَ؟ فَقَالَ: وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ، أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ، قَالَ: فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ، قَالَ: فَوُجِدَ فِي جَسَدِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ، قَالَ: فَقَالَتْ أُخْتُهُ عَمَّتِي الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ: فَمَا عَرَفْتُ أَخِي إِلَّا بِبَنَانِهِ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا}. قَالَ: فَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ.»

بَابُ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ

(١٩٠٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، (وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى)، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: «أَنَّ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ أَعْلَى، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ.»

(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ


= صورة خاصة من الشجاعة والقتال، ولا يقدر له القيام بها (فاستقبل سعد بن معاذ) أي جاء إليه، وفي مسند الطيالسي "منهزمًا" (يا أبا عمرو! أين) أبو عمرو كنية سعد بن معاذ (فقال) يبدو أن فاعله سعد بن معاذ، وليس كذلك، بل هو أنس بن النضر، يعني أن أنس بن النضر سأل سعد بن معاذ أولًا أين؟ تنبيها له على خطئه في الانهزام والفرار، ثم قال: واها لريح الجنة ... إلخ بيانًا لما في الثبات من الأجر العظيم (واها) كلمة تعجب وتشوق (أجده دون أحد) الظاهر أنه وجد ريح الجنة حقيقة بأن شم رائحة طيبة فوق المعهود، فعرف أنها ريح الجنة. قيل: ويحتمل أن يكون أطلق ذلك باعتبار ما عنده من اليقين، حتى صار الغائب كالمحسوس، وتصور أن الجنة في موضع قتاله، ومقصوده أن الجنة تكتسب بالقتال في هذا المكان وبأن أقتل فيه. وهذا الاحتمال ضعيف والراجح الأول (إلا ببنانه) البنان: الإصبع، وقيل: طرف الإصبع، وكان حسن البنان، وفي البخاري "بشامة أو ببنانه" على الشك، وإنما لم تعرفه إلا بذلك لأن المشركين كانوا مثلوا به {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: ٢٣] أي عهده أو نذره أو أجله. والعهد الذي عاهدوه الله تعالى هو ما في قوله: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: ١٦٢].
١٤٩ - قوله: (والرجل يقاتل ليذكر) أي ليذكر بين الناس ويشتهر بالشجاعة (ليرى مكانه) من الجرأة والشجاعة والمهارة في أصناف القتال، يعني يقاتل رياء، فمرجع هذا إلى الرياء، ومرجع الذي سبق إلى السمعة، وهما متقاربان، وكلاهما مذموم (من قاتل لتكون كلمة الله أعلى فهو في سبيل الله) المراد بكلمة الله دعوة الله إلى الإسلام، والجواب من أسلوب الحكيم، إذ لم يجب عمن سئل عنه، واكتفى بذكر مم يكون قتاله في سبيل الله، وكأنه أشار إلى أن المقصود بالقتال إذا كان هو إعلاء كلمة الله، ثم عرض له بعد ذلك ضمنًا شيء مما ذكر فإنه لا يضر، وبه قال الجمهور، واشتمل طلب إعلاء كلمة الله على طلب رضاه، وطلب ثوابه، وطلب دحض أعدائه، وإنقاذ ضعفاء المسلمين من ظلمهم وسيطرتهم، وكلها متلازمة.
١٥٠ - قوله: (ويقاتل حمية) أي أنفة وغيرة ومحاماة عن العشيرة والقبيلة والوطن.

<<  <  ج: ص:  >  >>