للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَيْرٍ (لَعَلَّهُ قَالَ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ، لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: يَعْنِي: يَوْمَ عَاشُورَاءَ.

بَابُ مَنْ أَكَلَ فِي عَاشُورَاءَ فَلْيَكُفَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ

(١١٣٥) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، - يَعْنِي: ابْنَ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ

فِي النَّاسِ مَنْ كَانَ لَمْ يَصُمْ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ كَانَ أَكَلَ، فَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ إِلَى اللَّيْلِ».

(١١٣٦) وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ لَاحِقٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ: «أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الْإِفْطَارِ.»


= من الهجرة، وهو - صلى الله عليه وسلم - وإن كان قد بدأ مخالفة أهل الكتاب قبل ذلك بسنين، لا سيما بعد أن فتحت مكة واشتهر أمر الإسلام: لكن قصده لهذه المخالفة تجلى بوضوح بعده بسنة أو أكثر، فلما صام عاشوراء تلك السنة وجهوا إليه هذا السؤال. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (صمنا اليوم التاسع) أي مع اليوم العاشر، وبذلك يحصل مخالفة أهل الكتاب، وقد تقدم من أحاديث ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا ما يعين هذا المعنى، ولا يترك مجالًا لاحتمال صوم اليوم التاسع مفردًا، ونزيد هنا أثرين لمزيد الإيضاح، أما أحدهما فرواه البيهقي من طريق ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس قال: كان ابن عباس يصوم عاشوراء يومين، ويوالي بينهما مخافة أن يفوته. وأما الآخر فرواه الشافعي قال: أنا سفيان أنه سمع عبيد الله بن أبي يزيد يقول: سمعت ابن عباس يقول: صوموا التاسع والعاشر، ولا تشبهوا باليهود. ثم هذا المعنى هو الذي يقتضيه العقل السليم، فإن كل ما وقع من الأمور العظام من نعم الله وآلائه على عباده ونقمته من أعدائه إنما وقع في اليوم العاشر. ولذلك صامه النبي - صلى الله عليه وسلم - طول الحياة، فكيف يترك صوم ذلك اليوم، وينتقل إلى صوم يوم آخر لم يقع فيه شيء من ذلك؟ أيكون من المعقول أن تقع الأمور العظام في يوم، ويختار للصوم يوم آخر، أما أن يضاف إلى صومه صوم يوم آخر فهذا لا شك أمر معقول.
١٣٤ - قوله: (لئن بقيت) أي في الدنيا، يعني لئن عشت (إلى قابل) أي إلى عام قابل، وهو السنة الآتية.
١٣٥ - قوله: (ومن كان أكل فليتم صيامه إلى الليل) معناه فليمسك بقية يومه عن الأكل والشرب، حرمة لليوم، فسمي هذا الإمساك بالصوم مجازًا، تشبيهًا له بأصل الصوم، ومعلوم أن الإمساك في بقية اليوم، بعد الأكل والشرب لا يكون صومًا.
١٣٦ - قوله: (من العهن) بكسر العين. قيل: هو الصوف مطلقًا، وقيل: الصوف المصبوغ (أعطيناها إياه عند الإفطار) قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ "عند الإفطار". قال القاضي فيه محذوف، وصوابه "حتى يكون عند الإفطار" فبهذا يتم الكلام، وكذا وقع في البخاري من رواية مسدد، وهو معنى ما ذكره مسلم في الرواية الأخرى: فإذا سألونا الطَّعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>