للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ فَتَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ، وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ، وَالتَّمْرَتَانِ، قَالُوا: فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلَا يُفْطَنُ لَهُ، فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي

شَرِيكٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَا اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي شَرِيكٌ، أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمِثْلِ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ.

بَابُ كَرَاهَةِ الْمَسْأَلَةِ لِلنَّاسِ

(١٠٤٠) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللهَ، وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ.»

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَخِي الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مُزْعَةُ.

(٠٠٠) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ».


= (لا يجد غنى يغنيه) عن غيره، ويكفيه لحاجته، ومعناه أن المسكين يقدر على مال أو كسب يقع موقعًا من حاجته، ولكن لا يكفيه، كثمانية من عشرة، فهو أحسن حالًا من الفقير فإنه الذي لا مال له أصلًا، أو له مال لا يقع موقعًا من حاجته كثلاثة من عشرة. واحتج لذلك بقوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} [لكهف: ٧٩] فسماهم مساكين مع أن لهم سفينة، لكنها لا تقوم بجميع حاجاتهم (ولا يفطن له) أي لا يعلم باحتياجه. وفي الحديث أن المسكنة إنما تحمد مع العفة عن السؤال، والصبر على الحاجة، وفيه حسن الإرشاد لوضع الصدقة، وأن يتحرى وضعها فيمن صفته التعفف دون الإلحاح.
١٠٣ - قوله: (لا تزال المسألة بأحدكم) يعني هو لا يزال يسأل (مزعة لحم) بضم الميم، وحكي كسرها، وسكون الزاي، أي قطعة من لحم أو نتفة منه، ومعنى الحديث أن السائل تناله العقوبة في وجهه فيعذب حتى يسقط لحمه، أو أنه يبعث ووجهه عظم كله، فيكون ذلك علامة له، وشعارًا يعرف به وإن لم يكن من عقوبة مسته في وجهه. وقيل: يحتمل أن يكون المعنى أنه يأتي ذليلًا ساقطًا لا جاه له ولا قدر، كما يقال: لفلان وجه عند الناس، فهو كناية. قيل: وهذا الوعيد فيمن يسأل تكثرًا وهو غني لا تحل له الصدقة. وأما من سأل وهو مضطر فذلك مباح له فلا يعاقب عليه. ولكن ظاهر الحديث يدل على ذم تكثير السؤال وقبحه، وأن كل مسألة تذهب من وجهه بقطعة لحم، حتى لا يبقى فيه شيء، لقوله: "لا تزال" و "ما يزال" في الحديث الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>