للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنَ عَفَّانَ، وَأُتِيَ بِالْوَلِيدِ قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُكُمْ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا حُمْرَانُ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، قُمْ فَاجْلِدْهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ، فَقَالَ الْحَسَنُ: وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا (فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ)، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ، قُمْ فَاجْلِدْهُ، فَجَلَدَهُ، وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ، فَقَالَ: أَمْسِكْ، ثُمَّ قَالَ: جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ». زَادَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ إِسْمَاعِيلُ: وَقَدْ سَمِعْتُ حَدِيثَ الدَّانَاجِ مِنْهُ فَلَمْ أَحْفَظْهُ.

(٠٠٠) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «مَا كُنْتُ أُقِيمُ عَلَى أَحَدٍ حَدًّا فَيَمُوتَ فِيهِ فَأَجِدَ مِنْهُ فِي نَفْسِي إِلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ إِنْ مَاتَ وَدَيْتُهُ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّهُ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.

بَابُ قَدْرِ أَسْوَاطِ التَّعْزِيرِ

(١٧٠٨) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، إِذْ جَاءَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ فَحَدَّثَهُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا


= أساء إليه مترجموه بغير حجة، فقالوا: نزل فيه قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} ... الآية [الحجرات: ٦] فسماه الله فاسقًا. ويرد عليه أنه لَمْ يكن أسلم يوم إذ نزلت هذه الآية. وقالوا: كان سيء السيرة، ويرد عليه أن أبا بكر ثم عمر اتخذاه كاتبًا - أي أمين السر - ولم يكونا ليختارا لهذا العمل الجليل رجلًا فاسقًا سيء السيرة، أما ما ورد في هذا الحديث من قصة شربه الخمر فقد روى الطبري ما يفيد أنَّها تهمة مزورة لفقها الحاقدون على خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه والمتآمرون ضدها، ولا يستبعد ذلك من قوم شكوا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إلى عمر أنه لا يحسن يصلي (ولِّ حارها من تولى قارها) ولِّ صيغة أمر من التولية، والحار من الحر والحرارة، والقار من المقر، وهو البرد أي ول شدة الخلافة ومرارتها وأوساخها من تولى هنيئها ولذاتها، أي كما أن عثمان وأقاربه يتولون هنيء الخلافة ويختصون به فليتولوا نكدها وقاذوراتها، والمقصود أن يتولى هذا الجلد عثمان أو بعض خاصة أقاربه، إذ ليس من العدل أن نتولى نحن هذه الشدائد، ويتولى أقاربه ما فيه اللذائذ (فكأنه وجد عليه) أي غضب عليه.
٣٩ - قوله: (فيموت فيه، فأجد) بالنصب فيهما، أما قوله: "فيموت" فلأنه مسبب عن "أقيم" وأما قوله: "فأجد" فهو مسبب عن "أقيم" و "يموت" كليهما، وأجد مشتق من الوجد، وله معان، واللائق منها هنا الحزن والشعور بالهم والحرج، أي فأحزن أو فأشعر منه في نفسي حرجًا (وديته) أي أعطيت ديته وغرمتها (لم يسنه) أي لَمْ يسن فيه عددًا معينًا مضبوطًا، وإنما ضرب أربعين، وهو فعل يحتمل احتمالات لا يتحقق معها التحديد.
٤٠ - قوله: (لا يجلد) ضبط بالبناء للفاعل وبالبناء للمفعول، وقد اختلفت آراء الأئمة في الأخذ بهذا الحديث، فأخذ به الليث وأحمد في المشهور عنه وإسحاق وبعض الشافعية. وقال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة: تجوز الزيادة على العشر، ثم اختلفوا فقال الشافعي: لا يبلغ به أدنى الحدود. وهل الاعتبار بحد الحر أو العبد؟ قولان. وقال الأوزاعي: لا يبلغ به الحد، ولم يفصّل. وقال الباقون: هو إلى رأي الإمام بالغًا ما بلغ. وعن أبي حنيفة: لا =

<<  <  ج: ص:  >  >>