٨٦ - قوله: (فقمل رأسه) أي صار ذا قمل كثير. ٨٧ - في الحديث دليل على جواز الحجامة للمحرم، قال ابن قدامة في المغني (٣/ ٣٠٥): أما الحجامة إذا لم يقطع شعرًا فمباحة من غير فدية في قول الجمهور، لأنه تداو لإخراج دم فأشبه الفصد وبط الجرح. وقال مالك: لا يحتجم إلا من ضرورة. وكان الحسن البصري يرى في الحجامة دما. انتهى. قال النووي: أجمع العلماء على جواز الحجامة له في الرأس وغيره إذا كان له عذر في ذلك، وإن قطع الشعر حينئذ، لكن عليه الفدية بقطع الشعر، فإن لم يقطع فلا فدية عليه، ودليل المسألة قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَو بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: ١٩٦] وهذا الحديث محمول على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس، لأنه لا ينفك عن قطع شعر، أما إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة فإن تضمنت قطع شعر فهي حرام، لتحريم قطع الشعر، وإن لم تتضمن ذلك بأن كانت في موضع لا شعر فيه فهي جائزة عند الجمهور، ولا فدية فيها، وعن ابن عمر ومالك كراهتها، وعن الحسن البصري: فيها الفدية وإن لم يقطع شعرًا، دليلنا أن إخراج الدم في الإحرام ليس بحرام. انتهى. قلت: قد جنح بعض المحققين إلى سقوط الفدية مطلقًا، ولو أزال بسبب الحجامة شيئًا من الشعر، وذلك لأن جميع الروايات المصرحة: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم في رأسه، لم يرد في شيء منها أنه افتدى لإزالة ذلك الشعر من أجل الحجامة، ولو وجبت عليه في ذلك فدية لبينها للناس، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. والآية التي أوردها النووي واردة في حلق جميع الرأس لا في حلق بعضه. ولذلك اختلف فيه العلماء، فذهب الشافعي إلى لزوم الفدية بحلق ثلاث شعرات فصاعدًا، وأحمد إلى لزومها بأربع شعرات، وأبو حنيفة إلى لزومها بحلق الربع، ومالك إلى لزومها بحلق ما فيه ترفه أو إماطة أذى، ومعنى هذا الاختلاف عدم النص الصريح في حلق بعض الرأس. فلا تتعين دلالة الآية على لزوم الفدية لمن أزال شعرًا قليلًا لأجل تمكن آلة الحجامة من موضع الوجع. والله أعلم. ٨٨ - قوله: (عن ابن بحينة) بالتصغير، هو عبد الله بن مالك، ابن بحينة، مالك أبوه، وبحينة أمه، زوجة =