للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مَعْقِلٍ، حَدَّثَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، «أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا، فَقَمِلَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَدَعَا الْحَلَّاقَ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: هَلْ عِنْدَكَ نُسُكٌ؟ قَالَ: مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ خَاصَّةً: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ}. ثُمَّ كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً».

بَابُ جَوَازِ الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ

(١٢٠٢) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، وَعَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ».

(١٢٠٣) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ


= فلم أره إلا في رواية الحكم، وقد أخرجها أبو داود، وفي إسنادها ابن إسحاق، وهو حجة في المغازي لا في الأحكام إذا خالف. والمحفوظ رواية التمر، فقد وقع الجزم بها عند مسلم من طريق أبي قلابة - كما تقدم - ولم يختلف فيه على أبي قلابة. وكذا أخرجه الطبري من طريق الشعبي عن كعب، وأحمد من طريق سليمان بن قرم عن ابن الأصبهاني، ومن طريق أشعث وداود عن الشعبي عن كعب وكذا في حديث عبد الله بن عمرو عند الطبراني. وعرف بذلك قوة قول من قال: لا فرق في ذلك بين التمر والحنطة، وأن الواجب ثلاثة آصع لكل مسكين نصف صاع. انتهى. يشير بذلك إلى تضعيف قول الحنفية في تفرقتهم بين الحنطة والتمر. حتى قالوا: الحنطة نصف صاع. والتمر صاع.
٨٦ - قوله: (فقمل رأسه) أي صار ذا قمل كثير.
٨٧ - في الحديث دليل على جواز الحجامة للمحرم، قال ابن قدامة في المغني (٣/ ٣٠٥): أما الحجامة إذا لم يقطع شعرًا فمباحة من غير فدية في قول الجمهور، لأنه تداو لإخراج دم فأشبه الفصد وبط الجرح. وقال مالك: لا يحتجم إلا من ضرورة. وكان الحسن البصري يرى في الحجامة دما. انتهى. قال النووي: أجمع العلماء على جواز الحجامة له في الرأس وغيره إذا كان له عذر في ذلك، وإن قطع الشعر حينئذ، لكن عليه الفدية بقطع الشعر، فإن لم يقطع فلا فدية عليه، ودليل المسألة قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَو بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: ١٩٦] وهذا الحديث محمول على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس، لأنه لا ينفك عن قطع شعر، أما إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة فإن تضمنت قطع شعر فهي حرام، لتحريم قطع الشعر، وإن لم تتضمن ذلك بأن كانت في موضع لا شعر فيه فهي جائزة عند الجمهور، ولا فدية فيها، وعن ابن عمر ومالك كراهتها، وعن الحسن البصري: فيها الفدية وإن لم يقطع شعرًا، دليلنا أن إخراج الدم في الإحرام ليس بحرام. انتهى. قلت: قد جنح بعض المحققين إلى سقوط الفدية مطلقًا، ولو أزال بسبب الحجامة شيئًا من الشعر، وذلك لأن جميع الروايات المصرحة: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم في رأسه، لم يرد في شيء منها أنه افتدى لإزالة ذلك الشعر من أجل الحجامة، ولو وجبت عليه في ذلك فدية لبينها للناس، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. والآية التي أوردها النووي واردة في حلق جميع الرأس لا في حلق بعضه. ولذلك اختلف فيه العلماء، فذهب الشافعي إلى لزوم الفدية بحلق ثلاث شعرات فصاعدًا، وأحمد إلى لزومها بأربع شعرات، وأبو حنيفة إلى لزومها بحلق الربع، ومالك إلى لزومها بحلق ما فيه ترفه أو إماطة أذى، ومعنى هذا الاختلاف عدم النص الصريح في حلق بعض الرأس. فلا تتعين دلالة الآية على لزوم الفدية لمن أزال شعرًا قليلًا لأجل تمكن آلة الحجامة من موضع الوجع. والله أعلم.
٨٨ - قوله: (عن ابن بحينة) بالتصغير، هو عبد الله بن مالك، ابن بحينة، مالك أبوه، وبحينة أمه، زوجة =

<<  <  ج: ص:  >  >>