للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ،

عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: «أَمَا تَسْتَحْيِي امْرَأَةٌ تَهَبُ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ}. فَقُلْتُ: إِنَّ رَبَّكَ لَيُسَارِعُ لَكَ فِي هَوَاكَ».

(١٤٦٥) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: «حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جِنَازَةَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَرِفَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلَا تُزَعْزِعُوا، وَلَا تُزَلْزِلُوا، وَارْفُقُوا، فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعٌ، فَكَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ، وَلَا يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ». قَالَ عَطَاءٌ: الَّتِي لَا يَقْسِمُ لَهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ.

(٠٠٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَزَادَ: قَالَ عَطَاءٌ: «كَانَتْ آخِرَهُنَّ مَوْتًا مَاتَتْ بِالْمَدِينَةِ».

بَابُ اسْتِحْبَابِ نِكَاحِ ذَاتِ الدِّينِ

(١٤٦٦) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ».


= (من تشاء منهن) أي من اللائي وهبن أنفسهن، وذلك بأن لا تقبلها (وتؤوي) أي تضم وتجمع إليك من تشاء منهن. وذلك بأن تقبلها. والمعنى من شئت قبلتها من الواهبات، ومن شئت رددتها، ومن رددتها فأنت فيها أيضًا بالخيار بعد ذلك، إن شئت عدت فيها فآويتها، ولذلك قال: {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: ٥١] قولها: (إلا يسارع لك في هواك) أي في رضاك، أي يبيح لك ما يوافق رضاك فيخفف عنك، ويوسع عليك، ولذلك خيرك في الواهبات هذا التخيير الواسع.
٥١ - قوله: (جنازة ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -) تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة سنة سبع في عمرة القضاء بعد أن حل منها، وابتنى بها بسرف، وهو بفتح السين وكسر الراء، موضع على تسعة أميال من مكة في طريق المدينة، وقدر الله لها أنها ماتت أيضًا بسرف. وكانت وفاتها سنة إحدى وستين، وقيل: ثلاث وستين، وقيل: ست وستين، وقيل: غير ذلك، ولا يزال موضع قبرها بسرف معروفًا حتى اليوم (فإذا رفعتم نعشها) النعش هو السرير إذا كان عليه الميت (فلا تزعزعوا) أي فلا تحركوها (ولا تزلزلوا) أيضا بمعنى لا تحركوا، تأكيد للالتزام بالطمأنينة والهدوء احترامًا لها وتعظيفا لقدرها (فإنه كان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ) بيان لعظم قدرها، وأنها كانت ممن يقسم لها النبي - صلى الله عليه وسلم - (قال عطاء: التي لا يقسم لها صفية ... إلخ) هذا وهم من عطاء أو ممن هو دونه، وإنما التي لم يكن يقسم لها هي سودة. كانت وهبت نوبتها لعائشة، كما تقدم.
٥٢ - قوله: (كانت آخرهن موتا، ماتت بالمدينة) هذا أيضًا لا يخلو من وهم، فإن الظاهر أنه يريد بها ميمونة، ولا شك أنها آخر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - موتا على الأصح، لكنها لم تمت بالمدينة، بل ماتت بسرف، كما تقدم. وان قيل إنه يريد بها صفية فلا شك أن صفية ماتت بالمدينة، ولكنها ليست آخر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - موتًا، بل ماتت قبل خمس منهن، وإنما توفيت قبلها ثلاث منهن فقط، وهن زينب وحفصة وأم حبيبة. فقول عطاء هذا لا يخلو من الوهم على أي حال.
٥٣ - قوله: (لأربع) أي لأجل أربع صفات، وهذا بيان لما جرت عليه عادة الناس (ولحسبها) بفتحتين، هو=

<<  <  ج: ص:  >  >>