للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ، أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ. قَالَ: فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، زَعَمَ لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ. قَالَ: فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ. قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ، وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا. قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا نَدْرِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ شَيْءٌ بَلَغَهُ {كَلا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى * كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلا لا تُطِعْهُ} زَادَ عُبَيْدُ اللهِ فِي حَدِيثِهِ قَالَ: وَأَمَرَهُ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ». وَزَادَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} يَعْنِي قَوْمَهُ.

بَابُ الدُّخَانِ

(٢٧٩٨) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ جُلُوسًا، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ بَيْنَنَا فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ قَاصًّا عِنْدَ أَبْوَابِ كِنْدَةَ يَقُصُّ، وَيَزْعُمُ أَنَّ آيَةَ الدُّخَانِ تَجِيءُ فَتَأْخُذُ بِأَنْفَاسِ الْكُفَّارِ، وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ، وَجَلَسَ وَهُوَ غَضْبَانُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللهَ، مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِمَا يَعْلَمُ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ: اللهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ: اللهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}

إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَبْعٌ كَسَبْعِ يُوسُفَ. قَالَ:


= (ينكص على عقبيه) أي يرجع وراءه رجعة القهقرى، وينكص بكسر الكاف وضمها ({أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}) أي رأى نفسه أنه غني ذو أموال طائلة ({الرجعى}) أي إليه ترجعون ({أرأيت}) بمعنى أخبرني، وهي هنا للإنكار، والمراد "بالذي ينهى" أبو جهل، وبقوله: ({عَبْدًا إِذَا صَلَّى}) محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ({لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ}) أي لنأخذن بها، والناصية شعر الجبهة، وسفعها جذبها بشدة، والأخذ بالناصية بالقوة والقهر هو ما يفعله المخاصم مع خصمه عند الغلبة، فهو كناية عن القهر والإذلال والتعذيب والنكال ({فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}) أي قومه وعشيرته ليستنصر بهم ({سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}) أي ملائكة العذاب حتى يعلم من يغلب، أحزبنا أم حزبه؛ وسبب هذا ما رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن جرير - وهذا لفظه - عن ابن عباس قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي عند المقام، فمر به أبو جهل بن هشام فقال: يا محمد! ألم أنهك عن هذا؟ وتوعده، فأغلظ له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وانتهره. فقال: يا محمد! بأي شيء تهددني؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديًا، فأنزل الله {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} وقال ابن عباس: لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته.
٣٩ - قوله: (عند أبواب كندة) كندة محلة بالكوفة كان يسكنها الكنديون فسميت باسم قبيلتهم كندة، والقاص الواعظ، سمي قاصًّا لأنه يقص أي يذكر ويبين أشياء في وعظه (بأنفاس) جمع نفس بفتحتين ({وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}) أي لست ممن يتكلف للعلم فأقول ما لا أعلمه (لما رأى من الناس إدبارًا) عن قبول الإسلام (اللهم! سبع) أي خذهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>