للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ».

بَابُ تَخَوُّفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا

(١٠٥٢) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، (ح)

وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ) قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: «قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: لَا وَاللهِ مَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِلَّا مَا يُخْرِجُ اللهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ، فَصَمَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَقَالَ: لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ، أَوَ خَيْرٌ هُوَ إِنَّ كُلَّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا، أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ ثَلَطَتْ، أَوْ بَالَتْ، ثُمَّ اجْتَرَّتْ فَعَادَتْ فَأَكَلَتْ فَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِحَقِّهِ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ».

(٠٠٠) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا، قَالُوا: وَمَا زَهْرَةُ الدُّنْيَا يَا رَسُولَ اللهِ؟


= النفس، وهو أن لا تكون النفس حريصة طامعة، وأما من كان حريصًا طامعًا في الزيادة، ولم يستغن بما معه من عرض الدنيا ومتاعها فليس له غنى مع كثرة المتاع.
١٢١ - قوله: (من زهرة الدنيا) من الذهب والفضة وأنواع المتاع والعرض والمال (أيأتي الخير بالشر؟ ) أي إن هذا المال الذي ذكرته هو خير، ومعنى خشيتك منه علينا أنه يكون سببًا للشر، فهل يستجلب الخير الشر؟ وهل يترتب الشر على الخير؟ (إن الخير لا يأتي إلا بالخير، أو خير هو؟ ) أي إن الخير المجرد لا يأتي إلا بالخير، ولكن هل ترى أن ما يخرجه الله من زهرة الدنيا هو خير مجرد؟ والمعنى أنه ليس بخير مجرد بل هو فتنة، يحمل في طيه خيرًا وشرًا، ثم أوضح ذلك بمثال، وهو قوله: (إن كل ما ينبت الربيع) من البقل والخضراوات والعشب والنبات (يقتل) الماشية (حبطا) بفتحتين، مفعول له، أي لأجل أكلها وأكلها وإكثارها من الأكل حتى انتفخ بطنه، ولم يخرج ما فيه بسبب التخمة وسوء الهضم (أو يلم) أي يقاربها من القتل والهلاك لأجل ما سبق (إلا آكلة الخضر) أي إلا الماشية التي أكلت الخضر - بفتح فكسر - وهو العشب والنبات (حتى إذا امتلأت خاصِرتاها) أي جانباها من البطن لأجل الشبع تركت الأكل، و (استقبلت الشمس) فجلست فيها واستراحت، وهضمت ما أكلت و (ثلطت) أي ألقت رجيعًا أو بعرًا (أو بالت) بولا (ثم اجترت) أي أخرجت ما بقي في بطنها من العشب والنبات، فمضغته في فمها ثم ابتلعته حتى انهضم، كما هو حال الغنم والبقر والإبل. ومعنى الحديث أن نبات الربيع وخضره يقتل الماشية أو يقاربها من الموت إذا انهمكت في الأكل وأكثرت منه. ولم تتريث حتى تهضم ما أكلت. أما إذا أكلت منه شيئًا ثم تريثت حتى هضمت وألقت بعرًا أو روثًا وبالت، ثم أكلت كذلك فإنه يفيده ويزيد في سمنه، فهكذا المال مستحسن كنبات الربيع، فمن أستكثر من جمعه واستغرق فيه، ولم يصرفه في وجوهه فهو كالماشية الأولى، يهلكه هذا المال أو يقاربه من الهلاك. ومن اقتصد في أخذه، ولم يأخذه إلا من جهة الحلال، ثم فرقه في وجوه الخير، فهو كالماشية الثانية، يفيده هذا المال ويزيده عزًّا ووقارًا في الدنيا وأجرًا وثوابًا في الآخرة.
١٢٢ - قوله: (بركات الأرض) من الذهب والفضة والمعادن، والنخيل والأعناب، والزروع والثمار، =

<<  <  ج: ص:  >  >>