للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ، وَغَيْرِهَا

(٥٨٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ) قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ: اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ.»

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَغَيْرِهِ

(٢٧٠٦) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْهَرَمِ، وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ.»

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ كِلَاهُمَا عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ غَيْرَ أَنَّ يَزِيدَ لَيْسَ فِي حَدِيثِهِ قَوْلُهُ: وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ.

(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ تَعَوَّذَ مِنْ أَشْيَاءَ ذَكَرَهَا وَالْبُخْلِ».


= على إيمانه، ويذهب إلى ما يدعو إليه الدجال (بماء الثلج والبرد) ذكرهما دون الماء الحار، مع أن الحار أبلغ في إزالة الوسخ، إشارة إلى أن الثلج والبرد ماءان لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال، فذكرهما آكد في هذا المقام، أشار إلى هذا المعنى الخطابي، وقال الكرماني: وله توجيه آخر، وهو أنه جعل الخطايا بمنزلة النار، لكونها تؤدي إليها، فعبر عن إطفاء حرارتها بالغسل تأكيدًا في إطفائها، وبالغ فيه باستعمال المبردات ترقيًا عن الماء إلى أبرد منه، وهو الثلج، ثم إلى أبرد منه، وهو البرد، بدليل أنه قد يجمد ويصير جليدًا، بخلاف الثلج، فإنه يذوب. (ونق) بتشديد القاف المكسورة، أمر من التنقية، أي طهر ونظف، ويحتمل أن يكون في الدعوات الثلاث إشارة إلى الأزمنة الثلاثة، فالمباعدة للمستقبل، والتنقية للحال، والغسل للماضي (الكسل) هو الفتور والتواني في عمل الخير (والهرم) هو الزيادة في كبر السن (والمأثم والمغرم) بفتح فسكون ففتح في الكلمتين، والمأثم: الإثم وما يقتضي الإثم، والمغرم الغرامة، وهي ما يلزم الشخص أداؤه كالدين، وسبب التعوذ منه أن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف، ويشتغل به قلبه، وربما مات قبل وفائه، فبقيت ذمته مرتهنة به.
٥٠ - قوله: (العجز) بفتح فسكون، هو عدم القدرة. والمراد به عدم القدرة على فعل الخيرات (والجبن) بضم فسكون، هو ضد الشجاعة، وإنما استعاذ منه لأنه يسبب التقصير في أداء كثير من الواجبات، مثل إزالة المنكر، والإغلاظ على العصاة، ونصر المظلوم، والنيل من أعداء الإسلام في الجهاد، والنكاية فيهم وغير ذلك (والبخل) وإنما استعاذ منه لأنه يُخِلُّ بأداء حقوق المال، ويمنع عن الجود ومكارم الأخلاق (ومن فتنة المحيا والممات) فتنة المحيا ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وفتنة الممات ما يعرض عند الموت، وأولها وأعظمها أمر الخاتمة عند الموت، ثم ما يعرض بعد ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>