للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: فَأَخْبَرَنِي بِلَالٌ، أَوْ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ».

(١٣٣٠) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ بَكْرٍ. قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: «قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَسَمِعْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّمَا

أُمِرْتُمْ بِالطَّوَافِ، وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِدُخُولِهِ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَنْهَى عَنْ دُخُولِهِ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ فِي قُبُلِ الْبَيْتِ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ، قُلْتُ لَهُ: مَا نَوَاحِيهَا؟ أَفِي زَوَايَاهَا؟ قَالَ: بَلْ فِي كُلِّ قِبْلَةٍ مِنَ الْبَيْتِ.»

(١٣٣١) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ، وَفِيهَا سِتُّ سَوَارٍ، فَقَامَ عِنْدَ سَارِيَةٍ، فَدَعَا، وَلَمْ يُصَلِّ».

(١٣٣٢) وَحَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: «قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ فِي عُمْرَتِهِ؟ قَالَ: لَا».

بَابُ نَقْضِ الْكَعْبَةِ وَبِنَائِهَا

(١٣٣٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ


٣٩٥ - قوله: (لم يكن ينهى عن دخوله) يعني قول ابن عباس: "ولم تؤمروا بدخوله" لم يكن على سبيل النهي عن دخول البيت، وإنما كان يفضل عدم الدخول حتى لا يزدحم الداخلون فيه، فيكون سبب تشويش القلوب بدل حضورها وخشوعها (في نواحيه كلها) أي أطرافها وجوانبها (ولم يصل فيه) هذا ينافي ما تقدم من رواية ابن عمر عن بلال، وقد أجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلال. وقالوا في نفي أسامة أن سببه أنهم لما دخلوا الكعبة أغلقوا الباب واشتغلوا بالدعاء، فرأى أسامة النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو، فاشتغل هو بالدعاء في ناحية من نواحي البيت، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في ناحية أخرى، وبلال قريب منه، ثم صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة خفيفة، فرآه بلال لقربه، ولم يره أسامة لبعده واشتغاله. ولظلام في البيت لأجل غلق الباب، فنفاها أسامة حسب ظنه، وأثبتها بلال حسب رؤيته وعلمه. والذي علم حجة على من لم يعلم. فوجب ترجيح رواية بلال (قبل البيت) قبل بضمتين، أي في وجه الكعبة ومقابلها (هذه القبلة) أي إن الكعبة هي القبلة، ولا نسخ لها بعد اليوم، أو إن الكعبة هي المسجد الحرام الذي أمرتم باستقباله، لا كل الحرم، ولا مكة ولا كل المسجد الذي حول الكعبة.
٣٩٦ - قوله: (وفيها ست سوار) جمع سارية، وهي العمود، وابن عباس لم يدخل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة، بل لم يكن يستطيع دخولها لصغر سنه، فهو لا يحدث عما شاهده بنفسه، فحديثه مرسل صحابي، ولا سبيل لروايته إلا عن أسامة، وقد تقدم ما في حديث أسامة.
٣٩٧ - اتفقوا على صحة ما ورد في هذا الحديث من عدم دخوله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة في عمرته. والمراد بها عمرة القضاء سنة سبع، ولم يدخل فيها الكعبة لما كان فيها من الأصنام والصور، وكانت السيطرة على الكعبة إذ ذاك للمشركين، فلما فتح الله عليه مكة أزال تلك الصور والأصنام ودخل الكعبة. واتضح بهذا أنه لا منافاة بين دخوله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة في فتح مكة، وعدم دخوله فيها في العمرة. فإنهما قصتان في وقتين، ولم تكونا في وقت واحد.
٣٩٨ - قوله: (لولا حداثة عهد قومك بالكفر) أي إنهم أسلموا قريبًا، فهم جديدو العهد بالكفر، والمراد =

<<  <  ج: ص:  >  >>